في مباراة متوسطة المستوى فاز برشلونة على خصمه ريـال مدريد 2-1 في ملعب كامب نو، نتيجة متوقعة ولكن مع مسارات لقاء غير متوقعة بالمرة.
ريـال مدريد بدأ المباراة قويًا وشرسًا وخطيرًا جدًا على عكس لقاءاته الأخيرة، سيطر تمامًا على مجريات الشوط الأول وكاد أن يخرج فائزًا بفارق أكثر من هدف، قبل أن يغير برشلونة شكله التكتيكي ويستفيد من تراجع خصمه البدني في الشوط الثاني ويصبح أمامه فرصة لصنع نتيجة كبرى.. لولا الرعونة الشديدة في التعامل مع الفرص والمساحات المتاحة.
الشوط الأول:
- أهم ما حدث في بداية اللقاء أن ريـال مدريد لعبها بتشكيل 4-4-2 في الحالة الدفاعية، والتي تتحول لـ4-3-3 في الحالة الهجومية.
هذا القدر من الحذر الدفاعي المطلوب أمام فريق في فورمة هجومية رائعة مثل برشلونة، وبالإضافة إلى التركيز الشديد الذي امتاز به كل أفراد الفريق بلا استثناء، واللياقة البدنية العالية طوال الشوط الأول، جعلوا «مدريد» هو صاحب الكلمة الأعلى في بداية اللقاء، وأعاد للأذهان المستوى المذهل الذي وصل إليه في الشهور الأخيرة من عام 2014.
هذا التفوق أيضاَ استمر للحالة الهجومية، «مدريد» من أفضل أندية العالم في الهجمة المرتدة، الشكل الذي فاز فيه على بايرن ميونيخ 0-4 في ألمانيا مثلًا يعتمد بالأساس على السرعة الفائقة في نقل الهجمة، سواء في قدرات الأفراد أنفسهم أو في تفاهمهم جماعيًا. هجوميًا ومع التحول لـ4-3-3 ينطلق بيل ورونالدو من الأطراف مع وجود بنزيمة في العمق، مع نَاقَلَين جيدين جدًا للكرة والتصويب على المرمى مثل مودريتش وكروس وإيسكو في وسط الملعب، ليكون كل شيء مثاليًا للفريق.
- في المقابل، لعب برشلونة اللقاء بطريقة 4-5-1، مع وجود «ميسي» و«نيمار» على الطرفين بشكل مبالغ فيه، «سواريز» في المقدمة، مع اعتماد لويس إنريكي على مفاجأة خصمه بـ«راكيتيتش» و«إينيستا» المنطلقين في العمق.
هذا الشكل جعل خطوط الفريق متباعدة جدًا على غير العادة، قلل أي خطورة محتملة لـ«ميسي» الذي انعزل عن باقي الفريق، وجعل الشكل الهجومي الوحيد للفريق متعلق بلمسة فردية من لويس سواريز، صنع منها فرصة أضاعها نيمار بغرابة شديدة أمام المرمى، فارتدت بهدف.
كان من المنطقي أن يكون هدف برشلونة الوحيد في الشوط من كرة ثابتة وليس من لعبه منظمة بين الـMSN، لأنه في تلك المباراة لم يكن هناك «إم إس إن». كذلك من المنطقي أن يكون هدف «مدريد» من هجمة مرتدة سريعة جدًا.
- بشكل عام كان الشوط مائلًا تمامًا لصالح «مدريد»، الذي قدم أداءً جعل جماهيره تستبشر جدًا، ولولا العارضة وجيرارد بيكيه وكلاوديو برافو لخرج برشلونة خاسرًا الشوط بكل تأكيد. قبل أن يتغير كل شيء في بقية المباراة.
- في الشوط الثاني تغير اللقاء تمامًا لسببين:
الأول: انخفاض اللياقة البدنية لأغلب لاعبي ريـال مدريد، الفريق يدفع ثمن الإرهاق المبالغ فيه، واستخدام 13 لاعب فقط في كل المباريات والبطولات منذ بداية الموسم، لنجد لاعب مثل «كروس» يشتكي أكثر من مرة لعدم وجود فترات للراحة، ويجد ريـال مدريد نفسه مضطرًا للإبقاء على جاريث بيل في الملعب أي كان مستواه لأنه لا يوجد بديل على الدكة، «مدريد» انتهى بدنيًا منذ الدقيقة 60 تقريبًا، وتقبل نفسيًا خسارة المباراة منذ إحراز هدف «سواريز».
أما السبب الثاني لتغير شكل اللقاء فكان في تعديل «إنريكي» للخطة التي بدأ بها، ولعب 4-3-3 بشكل العادي، فقط اختلاف التعليمات بتحرير «ميسي»، وإعادة «راكيتيتش» لنصف الملعب أكثر، فتحسن شكل الفريق.
- هدف «سواريز» جاء من مهارة فردية تمامًا، استلام رائع و«فينيش» ممتاز جدًا –مع سوء تعامل مع «كاسياس» في نفس الوقت-.
الهدف جاء في توقيت مثالي لبدء انخفاض الطاقة البدنية لـ«مدريد»، ومع الهزة النفسية التي أثرت على الأداء بعد الهدف.. انفتحت الخطوط تمامًا، والتماسك الذي ظهر عليه الجميع في الشوط الأول تفكك تمامًا، ليخلق برشلونة عدد ضخم من الفرص أضاع جميعها برعونة شديدة لدرجة جعلت التعادل مستحقًا إن حدث.
«نيمار» تحديدًا كان شديد الأنانية مع رفاقه –وبخاصة «سواريز»-، ويفضل الحل الفردي سواء في المراوغة أو التسديد عوضًا عن التمرير لزميل حتى لو كان منفردًا، «ميسي» كذلك ورغم جودة أداءه خلال الشوط الثاني إلا أنه بدا عليه الرغبة في إحراز هدف، فأضاع أكثر من كرة خطيرة في محاولة الاعتماد على حلول فردية وليست جماعية.
- المشكلة الأخيرة التي واجهت ريـال مدريد هي عدم وجود بديل قادر على صنع الفارق، وهو أكثر ما يستحق أن يساءل عنه فلورنتينو بيريز هذا الموسم، بعد أن أضاع دكة احتياط مثالية بها تشابي ألونسو وأنخيل دي ماريا، وأبقى عليها فارغة تمامًا.
وكذلك يسأل عن ذلك كارلو أنشيلوتي الذي اعتمد على مجموعة واحدة من اللاعبين، ولم يحاول تجهيز «إيارامندي» أو «خضيرة» أو «هيرنانديز»، سواء للاعتماد عليهم فلا يقع منه لاعب مثل «كروس» بسبب الضغط البدني.. أو ليصنعوا الفارق عند حاجة الفريق إليهم.
والنتيجة أن الفريق كان خاسرًا، وأول تغيير بعد 73 دقيقة بخروج بيبي ونزول فاران، ثم استعان أنشيلوتي بالمنتهي منذ إصابته «خيسي»، ولوكاس سيلفا مكان لوكا مودريتش، من الذي سيصنع الفارق؟ لا أحد
- المشكلة نفسها يعاني منها برشلونة، لا يوجد على الدكة من يصنع الفارق في حال التأخر في النتيجة، ولكن مع التقدم والرغبة في الحفاظ.. فالفريق لديه حلولًا نسبية لجأ إليها كلها في الربع ساعة الأخيرة، نزول «بوسكيتس» بدلًا من «راكيتيتش» كان مهمًا للسيطرة على وسط الملعب مع «ماسكيرانو» ومنع أي مفاجأة من «مدريد»، وكذلك «تشافي» بدلًا من إينيستا للاحتفاظ بالكرة في الأوقات الأخيرة، وهو نفس الأمر الذي جعله ينزل «رافينا» بدلًا من «نيمار». لتنتهي المباراة وسط هجمات خطيرة لبرشلونة واستسلام وتعب كامل لريـال مدريد.
- الموسم لم ينتهِ بعد، 10 مباريات رقم كبير جدًا، ومن الوارد أن يتغير الموسم من جديد. كلا الفريقين لديه قوامًا قويًا جدًا دون بدلاء تقريبًا، فرصة برشلونة أعلى ليس فقط لفارق الـ4 نقاط ولكن لـ«فورمته» العالية جدًا، ولكن ريـال مدريد قد يعود بسهولة لإنقاذ الباقي من موسمه.