مصادر: وثيقة سد النهضة لا تتناول اتفاقيات وحصص النيل التاريخية

كتب: جمعة حمد الله الإثنين 23-03-2015 14:26

أكدت مصادر مطلعة أن مشروع وثيقة المبادئ الموقع عليها من الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين، الإثنين، في الخرطوم، لا يمس الاتفاقات التاريخيه لمياه النيل، ولا يتناول حصص المياه أو استخداماتها، وإنما يقتصر على ملء وتشغيل سد النهضة، على أن تعقبه اتفاقات أخرى.

وقالت المصادر إنه عند المقارنة الدقيقة بين وضع مصر قبل التوقيع على إعلان المبادئ وبعده، يتضح أن الإعلان جاء في توقيت مهم لإزالة حالة قلق وتوتر خيمت على العلاقات المصرية الإثيوبية، نتيجة الخلافات حول سد النهضة، من خلال توفير أرضية صلبة لالتزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل بين مصر وإثيوبيا والسودان، حول أسلوب وقواعد ملء خزان السد، وتشغيله السنوي بعد انتهاء الدراسات المشتركة الجاري إعدادها.

وأضافت المصادر أن الاتفاق يتضمن عشرة مبادئ أساسية تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية المصرية، وتتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية. وتناول الاتفاق، تلك المبادئ من منظور علاقتها بسد النهضة وتأثيراته المحتملة على دولتي المصب، وليس من منظور تنظيم استخدامات مياه النيل التي تتناولها اتفاقيات دولية أخرى قائمة ولم يتم المساس بها، حيث لم يتعرض الاتفاق من قريب أو بعيد لتلك الاتفاقيات أو لاستخدامات مياه النهر، حيث إنه يقتصر فقط على قواعد ملء وتشغيل السد.

وتشمل تلك المبادئ: مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادي، التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، مبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، واحترام السيادة ووحدة أراضي الدولة، وأخيراً الحل السلمي للنزاعات.

وأوضحت المصادر أن الإيجابية الرئيسية التي يمنحها اتفاق المبادئ، أنه نجح في سد ثغرات كانت قائمة في المسار الفني، وأهمها التأكيد على احترام إثيوبيا لنتائج الدراسات المزمع إتمامها، وتعهد الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي في ضوء نتائج الدراسات، فضلاً عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.

وأشارت المصادر، إلى أن الاتفاق يؤسس ولأول مرة، مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق فيما يتعلق بتشغيل السدود في الدول الثلاث، وهى خطوة في غاية الأهمية وكان هناك احتياج لها على مدار السنوات الماضية، وخلال السنوات القادمة نتيجة الخطط المستقبلية لإقامة السدود في كل من إثيوبيا والسودان.

ولافتت المصادر إلى أن الاتفاق يتضمن للمرة الأولى آلية لتسوية النزاعات بين مصر وإثيوبيا، من ضمنها التشاور والتفاوض والوساطة والتوفيق، وكلها أدوات نص عليها القانون الدولي لتسوية أي خلافات قد تطرأ حول تفسير أو تطبيق بعض نصوص الاتفاق. ويعكس القبول الإثيوبي للمبدأ قدراً كبيراً من الثقة والشفافية في العلاقة مع مصر لم تكن موجودة من قبل، ونجاحاً حققته القاهرة في التقارب الحقيقي والعملي مع إثيوبيا.

وتابعت المصادر أنه من الأهمية أن نُشير أيضاً إلى مسار العلاقات الثنائية بين مصر وإثيوبيا، ومدى تأثره إيجاباً أو سلباً باتفاق إعلان المبادئ. فالمؤكد أنه منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئاسة، فإن هناك توجهاً استراتيجياً جديداً تجاه القارة الأفريقية، لا سيما دول حوض النيل، وفي مقدمتها إثيوبيا. ومن هنا، فإن أي تحليل دقيق لتلك الخطوة، لابد أن يرى فيها عنصر الإيجابية الرئيسي المتمثل في ترسيخ قاعدة بناء الثقة بين البلدين على أسس صلبة وقوية، ما أكد عليه الرئيس في كثير من تصريحاته ولقاءاته مع المسؤولين الإثيوبيين مؤخراً، حينما أشار إلى أهمية أن نترك للأجيال القادمة أرضاً صلبة من ميراث التعاون وبناء الثقة وتحقيق المنافع المشتركة، وألا يرثوا بذور القلق والشك من الأجيال السابقة.

وقالت المصادر إن تجارب التعاون بين الدول المشتركة في أحواض الأنهار الدولية على مستوى العالم، أثبتت أن الأسلوب الوحيد لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار بمصلحة أي طرف هو الحوار، والبناء التدريجي للثقة، والتفهم لاحتياجات دول المنبع ودول المصب، وترجمة كل ذلك في وثائق قانونية مُلزمة لا تترك مجالاً للتأويل أو التنصل مما فيها من حقوق والتزامات.

ونوهت إلى أن الجهد الواضح والكبير من الدولة المصرية ممثلة في اللجنة العليا لمياه النيل، في إعداد الوثيقة والتفاوض عليها بتوجيه من الرئيس، يعكس أسلوباً جديداً تتعامل به الحكومة وأجهزتها المعنية مع القضايا ذات الأهمية الخاصة للأمن القومي، ورؤية شاملة تؤسس على الاستفادة من عناصر القوة المصرية، وتوزيع الأدوار، والتنسيق، والقيادة الحكيمة التي تنظر إلى الأمور بنظرة شاملة ومستقبلية.

وقالت المصادر، إن إعلان المبادئ يعتبر وثيقة توافقية تمثل حلاً وسطاً بين مواقف الأطراف الموقعة عليها، وليست بالضرورة تُحقق الأهداف الكاملة لأي طرف، إلا أنها – بلا شك- حققت مكاسب ما لكل طرف تجعله في وضع أفضل مما كان عليه قبل التوقيع على الوثيقة.

وأضافت أن المكسب الرئيسي الذي تحقق، يتمثل في نجاح دول حوض النيل الشرقي الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، في وضع اللبنة الأولى لتعاون أكثر مؤسسية واستدامة يتعلق بمياه النيل، ومن المنطقي أن يتبعها انضمام الدولة الرابعة العضو في هذا الإطار، جنوب السودان.