أي اتفاق نووي مع إيران قد يفتح «صنابير النفط» بعد شهور لا أسابيع (تحليل)

كتب: رويترز الثلاثاء 17-03-2015 13:49

من المستبعد أن يؤدي الاتفاق المحتمل بشأن البرنامج النووي الإيراني، ومن ثم تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها، إلى إغراق الأسواق العالمية بمزيد من النفط في وقت قريب، رغم نية إيران المعلنة استرداد حصتها التي فقدتها في السوق بسبب القيود على صادراتها، ومازال المفاوضون يعملون على وضع تفاصيل الاتفاق المستهدف التوصل إليه، بنهاية يونيو المقبل.

غير أن خبراء في السوق ومسؤولين أمريكيين سابقين ودبلوماسيين غربيين يقولون إنه في حكم المؤكد تقريبًا أن الاتفاق سيرفع العقوبات على مراحل ويؤجل العودة الجزئية لصادرات النفط الخام الإيرانية إلى الأسواق، حتى 2016، على الأقل.

وساهم ما تحقق من تقدم في المحادثات التي جرت في سويسرا، خلال مارس، في انخفاض أسعار النفط أكثر من 10%، خلال الأسبوع الأخير، إذ يتأهب بعض التجار والمحللين لطرح ما يصل إلى مليون برميل يوميًا من الخام الايراني في الأسواق، ليضاعف بذلك حجم الفائض في الإمدادات العالمية، حسب بعض التقديرات.

ويركز كثيرون اهتمامهم على مدى السرعة التي يمكن لإيران أن تستعد بها إيران من الجوانب الفنية والتقنية لاستئناف ضخ النفط بالمعدلات التي كان عليها قبل فرض العقوبات عليها وذلك بافتراض إمكانية الموافقة على طرح الشحنات في الأسواق بسرعة وباستبعاد المخاوف من تقلص قاعدة زبائنها وما لحق بحقول النفط من ضرر نتيجة إهمالها.

والشيء الذي قد يهون من شأنه المضاربون على هبوط النفط هو العراقيل التي قد تظهر في المسار الدبلوماسي لعودة إيران إلى أسواق الطاقة العالمية.

وقال دبلوماسي غربي يعمل في منطقة الخليج: «لا تتوقعوا فتح صنابير النفط»، وأضاف الدبلوماسي أن من الأسهل كثيرًا رفع العقوبات المالية لأن الكثير من مقومات تجارة النفط الإيرانية استهدفت بالعقوبات.

ومن المؤكد أن إبرام اتفاق نووي قد يسمح بعودة بعض النفط الإيراني إلى الأسواق سريعًا.

ويوضح تحليل أجرته وكالة «رويترز» للأنباء لبيانات صناعة النفط أن إيران لديها مخزونات عائمة في ناقلات أمام شواطئها يصل حجمها إلى 12 مليون برميل من النفط كما أنها استأجرت منشأة تخزين في الصين لتسهيل شحن النفط الخام إلى الهند وكوريا الجنوبية.

ويقدر بعض خبراء الطاقة أن إيران قد ترفع صادراتها بما بين 500 ألف و800 ألف برميل في اليوم في غضون 6 شهور من رفع العقوبات غير أنه من المرجح أن يكون ذلك نتيجة زيادة تدريجية.

وقال ريتشارد مالينسون، المحلل بشركة «إنرجي آسبكتس» في لندن: «من المرجح أن تكون الاستجابة الأولية للسوق (لأي اتفاق) عاملًا في نزول الأسعار».

وأضاف: «مازال الاهتمام منصبًا على الزيادة في المعروض وثمة عدد كاف من الناس يقولون إن ذلك قد يدفع لزيادة سريعة في حجم المعروض الإيراني».

وقال مالينسون إنه أيًا كان ما سيحدث هذا العام «فقد لا يكون طوفان النفط الذي يخشى منه البعض في السوق».

وتحرص طهران على استعادة حصتها في السوق التي خسرتها بمقتضى العقوبات التي قادت الولايات المتحدة فرضها عليها وقلصت صادراتها النفطية إلى مليون برميل في اليوم فقط بعد أن كانت 2.5 مليون برميل في اليوم، خلال 2012.

ففي نوفمبر الماضي، قال وزير النفط الإيراني، بيجن زنجنه،: «لن نخفض حصتنا في السوق العالمية تحت أي ظرف من الظروف ولا حتى بمقدار برميل واحد».

غير أن زيادة مبيعات النفط الايرانية بدرجة ملحوظة وإعادة الحصيلة للبلاد في العملة الصعبة يتعين رفع الكثير من القيود الأمريكية والأوروبية على عمليات الشحن والتأمين والمواني والبنوك وتجارة النفط أو وقف العمل بها.

ومع ذلك، قال مستشار السياسات السابق بمكتب استخبارات الإرهاب والمالية بوزارة الخزانة الأمريكية، زاكاري جولدمان، والذي ساهم في تطوير سياسات العقوبات الايرانية إن تخفيف العقوبات سيكون متواضعًا في البداية لأنها تمثل الجانب الأكبر من القدرات التي تملكها القوى العالمية للضغط على ايران.

وتنبأ جولدمان بأن تكون الخطوة الأولى السماح لطهران باستخدام المزيد من احتياطياتها الخارجية بالنقد الأجنبي والتي يقتصر استخدامها الآن على أغراض محددة في التجارة الثنائية.

وقال جولدمان، الذي يرأس مركز القانون والأمن في جامعة نيويورك،: «هذه المسألة منفصلة ولا تشمل تفكيك هيكل العقوبات الذي بني بمجهود شاق على مدى السنوات الـ5 الأخيرة».

وقال بوب مكنالي، المستشار السابق في البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج دبليو بوش ورئيس مجموعة «رابيدان جروب» لاستشارات الطاقة حاليًا، إنه حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي فمن المرجح أن تبقى العقوبات النفطية سارية فعليًا، حتى أوائل 2016.

ربما تحد أسعار النفط المنخفضة من الكمية التي قد ترغب إيران في طرحها في الأسواق، وقال زنجنه إن صناعة النفط في البلاد يمكنها أن تستمر حتى إذا انخفضت الأسعار إلى 25 دولارًا للبرميل.

وقال ديفيد جولدوين، الذي كان المبعوث الخاص ومنسق الشؤون الدولية للطاقة بوزارة الخارجية الأمريكية من 2009 إلى 2011، ويرأس الآن الهيئة الاستشارية في الطاقة «بأتلانتيك كاونسيل» إن الانخفاض الأخير في أسعار النفط طهران ربما يدفع طهران للتفكير مرتين قبل إغراق السوق بالنفط حتى إذا تم رفع العقوبات. وأضاف: «ربما يتوقف ذلك على مدى احتياجهم للسيولة».

وستواجه إيران أيضًا منافسة شديدة من أعضاء آخرين في منظمة «أوبك» مثل السعودية والكويت والعراق في أسواقها الرئيسية في آسيا.

وأثارت الكويت ودول عربية أخرى من أعضاء «أوبك» شكوكا فيما إذا كانت إيران ستتمكن من زيادة انتاجها بسرعة نظرًَا لأن بعض حقولها النفطية ظلت خاملة بسبب العقوبات.