بعد الفوز التاريخى الذى حققه باراك أوباما، وفى خطابه الأول بعد تنصيبه فى الخامس من نوفمبر الماضى رئيسًا للولايات المتحدة، أعلن الرئيس الأمريكى الجديد أنه سوف ينتهج سياسة جديدة مع كل بلدان العالم، وأنه سوف يولى اهتمامًا خاصًا بالمسلمين وبقضايا الشرق الأوسط، وأنه سوف يلقى بخطاب خاص فى إحدى كبريات العواصم الإسلامية،
ورغم انقضاء الأيام المائة الأولى من حكمة دون أن يلقى كلمته المرتقبة - بحسب محللين سياسين وأعضاء فى الكونجرس الأمريكى - فإن العالم الإسلامى لا يزال ينتظر الخطاب.
وبعد شهر من فوزه بمقعد الرئاسة، أرسل باراك أوباما أحد مساعديه إلى بعض الأمريكيين الذين اشتهروا بتعاملهم المتزن مع قضايا المسلمين، وطلب من كل منهم أن يكتب الخطاب الذى يجب أن يوجهه باراك أوباما إلى المسلمين والشرق الأوسط.. وكان من بينهم داليا مجاهد، الباحثة الأمريكية ذات الجذور المصرية، التى تم اختيارها الشهر الماضى لتكون مستشارة الرئيس الأمريكى لشؤون العالم الإسلامى.. «المصرى اليوم» تنشر نص الخطاب الذى كتبته داليا مجاهد للرئيس باراك أوباما.
«إلى إخواننا وأخواتنا من كل الأعراق والأديان فى منطقة الشرق الأوسط، منبع الحضارات، ومولد كل الديانات السماوية، ومورد لا ينضب فى الفلسفة والشعر والعلوم فى جميع المجالات: نريد أن ندعم أواصرنا البشرية وقيمنا المشتركة سويًا كى نستطيع بكم ومعكم أن نواجه التحديات، نواجهها جميعًا.
لقد عانينا جميعًا من تبعات حرب مضللة غير محسوبة العواقب، وارتعدت فرائصنا خوفًا من شبح الإرهاب والتطرف الذى اجتاح الجميع، ونعانى سويًا الآن، أنتم ونحن، من أزمة اقتصادية طاحنة، طالت كل شىء.. الوقود والطعام والأسعار، ومن عالم يموج اضطرابًا بكل أزماته مهما صغرت.
أريد أن أؤكد لكم أن الشعب الأمريكى مثلكم، يسعى للتغيير، يحلم به ليل نهار، يحلم بطريق جديد، لنبنى عالمنا المشترك سويًا، عالمنا نحن وأنتم، تجمعنا قيم مشتركة: العدل والرحمة والاحترام المتبادل، أن يتمتع أمننا وأمنكم بخصوصيته، لا أحد ينتهك الآخر تحت أى زعم أو ادعاء،
فالإرهاب الراديكالى الذى يؤرقنا ليل نهار يجب أن يؤرقكم أيضًا، فما يطالنا يطالكم، وما نتأثر به يؤثر عليكم بشكل أو بآخر، فالحدود الجغرافية لم تعد عائقًا أمام أى مشكلة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، ولم تعد تميز هى الأخرى بين عرق أو دين.. فدعونا نكن مثلها.
هل تعلمون أن مستقبل أطفالنا يعتمد على قدرتنا على خلق آفاق حقيقية للتعاون بيننا وبينكم، روح الشراكة هذه يجب أن تقودنا سويًا وبدافع من رغباتنا المشتركة من أجل إحلال سلام حقيقى فى هذه البقعة المحورية من العالم.
لا أخفى عليكم أنى جعلت هذا الهدف نصب عينى وأوليته ترتيبًا متقدمًا فى أجندتى الخاصة، حتى قبل دخولى إلى البيت الأبيض، لكن ما أريدكم أن تعلموه أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تعمل وحدها من أجل السلام دون شراكة حقيقية فى المنطقة.. دون أن يكون لنا حلفاء مخلصون لقضيتهم أولاً، نريد منك أن تساعدونا كى نخلق سلامًا حقيقيًا ودائمًا، كائنًا متكاملاً غير مشوه، وأريد أن أوضح بكل صراحة أن السلام لا يعنى بالمرة غياب الحروب.. لكن السلام بمعناه ومفهومه وتطبيقه.. يعنى السلام.
هذه الكلمة تحوى الكثير، فالسلام هو الرغبة المُلحة عند المواطنين من أجل خلق مستقبل أفضل لنا جميعًا، وهذه مهمتنا نحن الحكام، بأن نصل إلى تسويات حقيقية وعادلة للصراعات والنزاعات التى تؤرقنا، نحن مسؤولون عن استقلال وأمن الشعب العراقى والإسرائيلى والفلسطينى، وسوف نعمل مع شركائنا الإقليميين لنخلق سلامًا حقيقيًا لهذه الشعوب.
والحقيقية التى أود أن تعرفوها جميعًا، أن وقوفى أمامكم اليوم يعنى قدرتنا على جمع الشعوب سويًا تحت راية واحدة، حتى هؤلاء الذين ظلوا يتصارعون لقرون سويًا، دون أن يتوصلوا إلى حلول أقول لهم.. نحن قادرون الآن أن نعيش سويًا.