قال د. محمد عمران، رئيس البورصة المصرية، إن المؤتمر الاقتصادى العالمى بشرم الشيخ يعد بمثابة بداية لإعادة بناء الاقتصاد المصرى، متوقعا أن يتم خلاله ضخ استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة.
وأكد عمران في حواره مع «المصرى اليوم» أن البورصة المصرية سوق جاذبة للاستثمارات لما توفره من تمويل وتوفير آليات للخروج من السوق، وهو أهم ما يبحث عنه المستثمر، موضحا أن الدور الرئيس للبورصة هو عملها كمنصة للتمويل.
وأشار إلى أن سوق المال تنتظر طروحات جديدة كبرى، كما تنتظر طرح أول شركة قابضة حكومية في البورصة.. وإلى نص الحوار:
■ استعدادات كبيرة وآمال كبرى معلقة على المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ.. ما هي أهمية المؤتمر في رأيك؟
- هذا المؤتمر يرسل رسالة مهمة جدا أن الاقتصاد المصرى لديه فرص واعدة، وقدرة كبيرة على جذب المستثمرين على المستويات الرسمية وغير الرسمية، وأن لدينا مشروعات جاذبة، ولكن عقد المؤتمر في حد ذاته ليس كل شىء، فهو يعتبر بمثابة «قص الشريط» لإعادة بناء الاقتصاد المصرى، وإعادة الثقة فيه.
ويجب أن تلفت إلى أهمية استكمال المنظومة الاقتصادية بعد المؤتمر، لترجمة المشروعات والأفكار المطروحة إلى شركات واستثمارات، ورؤوس أموال على أرض الواقع، وأن يتبع ذلك من توظيف عمالة جديدة، وزيادة معدلات الناتج المحلى الإجمالى ومعدلات النمو، حتى نستطيع أن نقول إنه حقق كل أهدافه بالكامل.
■ ما دور البورصة في تقييم المشروعات أو تقديم استشارات عن الاستثمارات للقائمين على المؤتمر الاقتصادى؟
- البورصة لا تقدم نصائح أو استشارات استثمارية، ولكن دورها أن توفر للمستثمر الذي ينوى دخول مشروعات سوق مال يوفر له التمويل لزيادة رأس المال، ويوفر له آلية للتخارج بتكلفة عادلة، وهذه رسالة على وجود قطاع مالى متكامل.
■ هناك توقعات بدخول استثمارات أجنبية غير مباشرة بعد المؤتمر الاقتصادى.. ما تقديراتك؟
- سيتم جذب استثمارات مباشرة وغير مباشرة، فهناك مشروعات كبيرة مطروحة في مجالات البنية التحتية والإنشاءات والطاقة والكهرباء، والمدن اللوجيستية وغيرها، والدولة تعمل على جذب استثمارات من النوعين بالتوازى، والبورصة وسوق المال ستستفيد بالطبع من تلك الاستثمارات.
■ ما هو موقع البورصة المصرية ضمن البورصات الإقليمية والعالمية؟
- البورصة المصرية حصلت على لقب أفضل بورصة أفريقية من حيث الابتكار والتطوير في 2014، وفازت برئاسة اتحاد البورصات اليوروآسيوى الذي يضم 35 بورصة من آسيا وأوروبا، واحتفظنا بعضويتنا في اللجنة التنفيذية لاتحاد البورصات الأوروبية كأول دولة تحتفظ بعضويتها 4 مرات متتالية، وتعتبر البورصة المصرية من أفضل الأسواق في المنطقة، وذلك لأنها ليس لديها قيود على تملك الأجانب، وسهولة الدخول والخروج من السوق، وكذلك لتوفر الشفافية وتطبيق آليات الحوكمة، وإجراءات حماية المستثمرين، هذا بالإضافة إلى وجود التشريعات المنظمة، وتعد مصر واحدة من أفضل الدول في هذا الإطار.
■ هل البورصة المصرية تعد سوقا جاذبة للاستثمارات مقارنة بأسواق المنطقة؟
- آخر تقرير من «فاينانشيال تايمز» وصف البورصة المصرية بأنها مكان أساسى ومحطة لمرور الاستثمارات وتشجيعها، وظهر ذلك من خلال ما شهدته البورصة في عام 2014، حيث قامت نحو 30% من الشركات المقيدة بزيادة رؤوس أموالها، وتم قيد 13 شركة خلال نفس العام برؤوس أموال 1.9 مليار جنيه، بما يعادل 10 أضعاف ما تم في 2013، وضعفى ما تم في 2011 و2012 و2013 مجتمعين.
ويجب التأكيد على أن أحجام التداول وارتفاعات المؤشرات ليست هي الغاية من عمل البورصة في حد ذاتها، ولكنها دلالات على توفر التمويل اللازم للشركات، وكل ذلك يعطى دلالة على تأدية البورصة لوظيفتها كمنصة للتمويل، الذي يوفر أموالا للتوسعات والتطوير وتوسيع خطوط الإنتاج، وما يتبع ذلك من إضافة للناتج المحلى الإجمالى والتوسع في توظيف أيدى عاملة جديدة.
■ التمويل من خلال البورصة أكثر أم أقل تكلفة من التمويل عن طريق البنوك؟
- هناك ما يسمى هيكل التمويل الأمثل، لكل قطاع أو شركة، وهى مرتبطة بالاستفادة من كل مصادر التمويل المتاحة، لتحقيق الأهداف الاستثمارية، جزء من البنوك، وجزء من البورصة، المهم أن تتاح عدة طرق للتمويل والشركة أو المستثمر له الحرية أن يختار آلية من بينها أو يجمع بين أكثر من آلية، طبقا لما يناسب وجهته في الاستثمار.
■ البورصة أصبحت من وسائل التمويل الرئيسية، وهذا واضح من عمليات زيادة رؤوس الأموال مؤخرا.. ما تفسيرك لذلك؟
- كما ذكرنا فإن نحو 72 شركة قامت بزيادة رؤوس الأموال في 2014، وزيادة التوجه إلى ذلك يرجع لعدة أسباب، منها اختلاف الإجراءات الخاصة بدعوة الجمعيات العمومية لبحث زيادة رؤوس الأموال، وهناك إجراءات انتقلت من الهيئة العامة للرقابة المالية إلى البورصة، مثل زيادة رؤوس الأموال والتجزئة والطروحات إذا كانت لا تتضمن إصدار أسهم جديدة، وتوزيعات الأسهم، وبذلك ساهم تعديل القواعد وتبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية في سرعة التنفيذ التي لم تعد تتجاوز 48 ساعة، وهو ما انعكس على زيادة الإقبال.
■ هل هناك تشريعات جديدة من المنتظر إقرارها قريبا في سوق المال؟
- معظم التشريعات التي تمس السوق بشكل كبير تمت خلال 2014، ويعد من أكثر الأعوام التي شهدت تعديلات تشريعية، سواء في قواعد العضوية أو في قواعد القيد والشطب، وقواعد القيد والإفصاح، وكذلك في قواعد سوق الصفقات الذي تم تحويله من الوضع اليدوى إلى الآلى، وأصبح مميكنا على مستويين.
لكن قانون سوق المال مازال يحتاج تعديلات في الأمور المتعلقة بقواعد وإجراءات دعوة الجمعيات العمومية للانعقاد، وموافقة الجهات الإدارية على زيادة رؤوس الأموال، والتى تستغرق وقتا طويلا يصل إلى شهرين وثلاثة، هذا إلى جانب الاستعلام الأمنى الذي يستغرق وقتا طويلا، فلابد من وجود منظومة تستطيع إنجاز ذلك وإنهاءه في غضون أيام، كما أن هناك أمورا متعلقة بقوانين عامة، مثل قانون الاستثمار الموحد، وما يتصل به من التأكيد على وجود آلية تضمن حرية الخروج من السوق.
■ آليات الخروج من السوق هناك من يبدى تخوفه من استخدامها في تهريب الأموال وتحويلها للخارج؟
- لو اتبعنا نظرية المؤامرة لن نتقدم خطوة واحدة، أي قرار أو إجراء يحمل إمكانية لسوء استخدامه، لكن هناك جهات رقابية، فالبنك المركزى يقوم بدوره الرقابى من خلال وحدة غسل الأموال التابعة له، وكذلك وحدة غسل الأموال في هيئة الرقابة المالية، ولا توجد سوق لا تحتوى على مخاطر، ولكننا نقوم بوضع الإجراءات التي تسهل العمل بالنشاط الاقتصادى ولا تعوقه.
■ وماذا عن آليات تسوية المنازعات بين المستثمرين؟
- مجلس إدارة البورصة اتخذ قرارا بوضع نظام للتحكيم يتيح للمتعاملين في سوق المال اللجوء إليه، وفتحنا الباب لتلقى طلبات لإنشاء سجل للخبراء والمحكمين، ويجرى العمل عليه فعليا في الوقت الحالى، عندما تنتهى المنظومة سيبدأ العمل بها، وبالرغم من أن قرارات التحكيم غير ملزمة لأى طرف من الأطراف لكنى أتوقع أن تستطيع تلك الآلية بتوفير حلول عادلة للمتنازعين.
■ هناك اتجاه لطرح الشركات القابضة الحكومية في البورصة لأول مرة.. كيف سيتم ذلك؟
- هناك شركات قابضة مطروحة في البورصة بالفعل تابعة للقطاع الخاص، ولا يوجد فرق بين الشركات القابضة والتابعة في الطرح، فالشركة القابضة هي شركة لديها استثمارات ومحفظة كاملة، الشركات القابضة لديها شركات خاسرة ورابحة، وشركات لديها سيطرة الأغلبية وأخرى أقلية، ليس هناك جديد من حيث فكرة الطرح وآلياته، فهى واحدة في كل الأحوال، وهناك تجارب ناجحة مطروحة.
■ هل يقبل المستثمرون على شراء أسهم الشركات القابضة الحكومية، خاصة أن منها شركات خاسرة؟
- لدينا تجربة مهمة سابقة، ففى فترة التسعينيات كانت أسهم الشركات الحكومية هي التي تقود الأسهم في البورصة، وكانت تحقق رواجا كبيرا، وفى حالة طرحها سيكون لدينا سهم اسمه «القابضة» يمثل جميع الشركات، وهناك شركات قابضة خاصة لديها شركات خاسرة ضمن المجوعة ولا يؤثر ذلك على التداول في أسهمها، والقوائم المالية المجمعة هي الفيصل في النهاية.
■ البعض ينظر إلى طرح الشركات الحكومية في البورصة على أنها باب خلفى للخصخصة.. كيف ترى ذلك؟
- لو لدينا شركة حكومية تم طرحها في البورصة، فإن ذلك لا ينتقص أي نسبة من ملكية الحكومة، فهى تظل كما هي، ولكن يزيد عليها نسبة أخرى يتم طرحها في البورصة، بمعنى أنه لو لدينا شركة قيمتها 100 مليون جنيه مثلا، وتم طرحها في البورصة فلن تقل ملكية الحكومة منها إلى 80 مليون جنيه، ولكن ما يحدث أنها تحتفظ بأصولها كاملة، وتشرك مساهمين جددا في ضخ رأسمال جديد، يتم من خلاله تمويل استثمارات وتوسعات جديدة، أو عمل تجديد وإحلال لخطوط الإنتاج القديمة، وبالتالى فإن الطرح يوفر لها تمويلا دون عبء على ميزانية الدولة، ودون تغيير هيكل الإدارة والملكية.