سؤال السادات ليس بريئاً

سليمان جودة الأربعاء 11-03-2015 21:37

السؤال الذى ألقاه عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكى على الرئيس السيسى، عما إذا كان يخاف أن يواجه مصير الرئيس السادات، أثار عندى الكثير من الخواطر والتساؤلات الحزينة!

أثار عندى ما سمعته مراراً من الناشر أحمد يحيى، يرحمه الله، عن أنه سوف يأتى يوم نعرف فيه معلومات محددة عن قاتل السادات الحقيقى، وعن أن خالد الإسلامبولى، إذا كان هو الذى ضغط على الزناد، يوم 6 أكتوبر 1981، فقتل بطل الحرب والسلام، فى يوم عيده، فإن آخرين وراءه، خارج الحدود، كانوا هم الذين وضعوا يده على الزناد، وهم الذين سهلوا حصوله على السلاح، وهم الذين سهلوا أيضاً دخوله إلى أرض المعارض، حيث كان السادات العظيم يتواجد، يومها، بين جنوده وضباطه، وقد كان يردد دائماً، وعن يقين فى أعماقه، أنهم أبناؤه، وكان يعنى ما يقول.

إننا نعرف من السيدة الفاضلة جيهان السادات أنها لما طلبت منه، فى صباح ذلك اليوم، أن يرتدى الصديرى الواقى من الرصاص، سألها هو فى استنكار عما يدعوه إلى ذلك، وهو جالس بين أبنائه؟!.. فمن، إذن، دس خالد الإسلامبولى بين الأبناء؟!.. ثم إن السؤال الأكبر يظل على النحو الآتى: ما علاقة الأمريكان بالإسلامبولى ورفاقه على وجه التحديد؟!

إن لنا أن نتخيل علاقة الأمريكان بالموضوع، فى ضوء ما يتكشف لنا، اليوم، وكل يوم، عن علاقتهم الدفينة بالإخوان، وبكل التيارات الإرهابية الخارجة من رحم الإخوان.. لنا أن نتخيل، ثم نضع هذا كله، إلى جوار سؤال أعضاء الكونجرس للرئيس، ونتأمل الموضوع على بعضه، بجدية كاملة، وبعقل مفتوح فى كل الاتجاهات.

كان أحمد يحيى قريباً من السادات، وكان هو الذى نشر، من خلال دار النشر التى يملكها، كتاب الرئيس الراحل الأشهر «البحث عن الذات».. وإذا كان السادات قد اختصه أيامها، دون جميع دور النشر المحلية والعالمية، بنشر كتابه، فإن لنا أن نتصور عمق الثقة التى كانت بينهما، ثم لنا أن نتصور، كذلك، حجم المعلومات التى كان «يحيى» يعرفها عن عملية التخلص من السادات.

وقد كنت فى كل مرة أسمع منه كلامه فى بيته، عن اليوم الذى سنعرف فيه قاتل السادات الحقيقى، أشعر بأنه يعرف أشياء، لا شيئاً واحداً عن الموضوع، وأنه لا يستطيع أن يبوح بما يعرفه، لأسباب كان هو يراها، وأنه يترك الأمر للأيام وحدها، فهى قادرة على أن تكشف كل شىء!

إن أعضاء الكونجرس، حين يأتون للقاء مع الرئيس، فإن أسئلتهم لا تكون عفوية، وإنما يجرى إعدادها مسبقاً، كما أن هناك فى بلدهم من يطلب منهم طرح أسئلة بعينها، للحصول على إجابات محددة، فما هو، يا ترى، القصد من طرح سؤال السادات أثناء الكلام؟! وما الجواب الذى كانوا يريدون الحصول عليه من رأس الدولة المصرية؟ وماذا يقصد الذين طلبوا منهم أن يطرحوا هذا السؤال، خلال اللقاء ثم السؤال الأهم مرة أخرى: هل يكشف السؤال عن علاقة من نوع ما بين الأمريكان وبين قتل السادات فى يوم 6 أكتوبر تحديداً؟!

سؤالهم لم يكن بريئاً بأى معيار، وسوف يأتى يوم نعرف فيه أن أحمد يحيى كان يعنى ما يقول تماماً، ثم سوف تأتى أيام نعرف فيها أن هؤلاء الأمريكان لا عهد لهم، ولا ذمة، ولا أمان!

وإذا كانت الأجهزة المكلفة بحماية حياة الرئيس تحرص على حياته مرة، منذ أصبح رئيساً، فإن عليها أن تحرص عليها 24 مرة، بعد السؤال الكريه إياه، ولابد أنها تعرف - مثلاً - أن الرئيس بوتين لا يأكل خارج بلده مطلقاً، وأنه إذا سافر إلى أى بلد، فإن أجهزته تصطحب طعامه معها، على سبيل اليقين من سد أى ثغرة، قد ينفذ منها أى شىء!.. ثم لابد أيضاً أن الأجهزة المعنية تعرف أن الموتور أردوجان يصطحب معه معملاً لتحليل أى شىء يتناوله خارج حدود تركيا!

إجابة الرئيس عن سؤالهم أشارت لهم إلى أنهم أمام رجل يحب الموت، كما يحبون هم الحياة، ولابد أن ذلك قد أحبطهم للغاية، ولابد كذلك أن الإحباط قد أصاب الذين طلبوا منهم هناك فى واشنطن أن يطرحوا السؤال!