التطرف والديكتاتورية والتعصب ليست صفات صالحة لوصف الشخوص فقط.. إنما هناك شعوب أيضاً يمكن وصفها بكل ذلك.. ونحن فى مصر أحد هذه الشعوب غير المؤمنة بالحرية والديمقراطية.. صحيح أنه من الممكن أن نثور ونغضب ونصرخ طلباً للديمقراطية من كل وأى رئيس أو نظام.. لكننا نبقى فى أعماق أنفسنا وفى شوارعنا وإعلامنا وبيوتنا ومكاتبنا غير مؤمنين إطلاقا بتلك الديمقراطية أو أى رأى آخر أو حتى بالتعددية.. نحب دائماً أن نبقى شعب الشخص الأوحد.. البطل الأوحد والنجم الأوحد والقائد الأوحد.. حولنا الكثيرون يرون العالم يتسع طول الوقت لألف اختيار وألف طريق ونرفض نحن ذلك، وبدون أى جرائم وإرهاب ودماء اعتاد جمهور الأهلى إقصاء الزمالك تماماً، والعكس صحيح، لأن الدنيا فى رأى هؤلاء لا تحتمل ناديين أو أى قوتين أو حزبين كبيرين.. ولا تقبل أيضاً أن يصبح هناك لكرة القدم نجمان كبيران يلعبان الآن فى أوروبا.. وبالتالى ليس لنا الآن نجم فى أوروبا إلا محمد صلاح فقط الذى يلعب فى فيورنتينا الإيطالى.. نتابعه كلنا ونتبادل حكاياته وأخباره وأهدافه وآراء الخواجات عنه ويبقى معظمنا سعيداً بما يحققه محمد صلاح، وقليلون يبقون حزانى، إما غيرة أو حساسية أو لأن فيهم من هم بطبعهم لا يحبون أن ينجح أحد أو يفرح الناس بأى أحد..
لكن لا أحد يلتفت مثلا للاعب آخر اسمه أحمد حسن كوكا.. الذى يلعب الآن لريو آفى البرتغالى، وأصبح أحد هدافى الدورى البرتغالى، وتم اختياره منذ أسبوع لقائمة أفضل خمسين لاعباً فى أوروبا، كلهم يبدأون التنافس على الحذاء الذهبى.. حذاء لن يفوز به «كوكا» فى نهاية الموسم ولا أحد يطالبه بذلك.. لكن ورود اسمه فى القائمة يعنى أن هناك نجماً مصرياً آخر فى أوروبا إلى جانب محمد صلاح.. وأننا لسنا مضطرين إطلاقاً لاختيار إما الاهتمام بمحمد صلاح أو «كوكا».. فمن الممكن أن نهتم ونتابع ونفرح بالاثنين معاً.. وقد فوجئت، أمس الأول، ببيدرو مارتينيز، مدرب النادى البرتغالى، يشيد بـ«كوكا» رغم إهداره ضربة جزاء كان من الممكن أن يفوز بها ريو آفى على ماديرا.. وفوجئت بعدها بكم التقدير الذى تتعامل به صحافة البرتغال مع «كوكا»، وصحافة إسبانيا أيضاً التى أطلقت عليه لؤلؤة الصحراء المتوهجة، مؤكدة أنه لاعب صاحب موهبة لابد أن يأتى قريباً زمانه وأوانه، ولن يبقى طويلا فى نادى ريو آفى، إنما سيلمع قريباً فى أى من أندية أوروبا الكبيرة.. ولا أملك الآن إلا الاعتذار لـ«كوكا» نيابة عن الإعلام الرياضى المصرى الذى لا يقبل حتى الآن إلا النجم الأوحد فقط فى كرة القدم وأى مجال آخر.