الحجاب ضرورة اقتصادية ووسيلة للتكيف مع القمع الاجتماعى

كتب: محمد الكفراوي الخميس 21-01-2010 15:26


يطرح الباحث قضية الحجاب والنقاب انطلاقا من الواقع المعاصر، بعد شوط طويل من تفنيد الأدلة والأسانيد والاستشهاد بالأحاديث النبوية والآيات القرآنية وتفاسيرها، مفندا حجج العلماء والفقهاء فى شرعية الحجاب، ليستخلص فى النهاية أسبابا أخرى أدت إلى انتشار الحجاب فى المجتمع المصرى والدول الإسلامية عموما فى الفترة الأخيرة، مؤكدا تنوع هذه الأسباب ما بين اجتماعية واقتصادية وسياسية، أى أنها فى النهاية ليست أسبابا دينية، إلا أنه يتم إلباسها ثوبا دينيا بالباطل (الحق أن الحجاب والنقاب هما جزء من منظومة ثقافية سياسية اجتماعية اقتصادية متكاملة، وظيفتها الأساسية هى السيطرة الاجتماعية على السلوك النسائى، وإحداث المزيد من التكيف الاجتماعى مع الأوضاع الاجتماعية القمعية).

ويورد الباحث أمثلة وأدلة كثيرة على دور العامل الاقتصادى فى انتشار الحجاب الذى تم التعارف عليه فى المجتمع المصرى على أنه طرحة تغطى الشعر وتسدل وراء الكتفين، فهو الوسيلة الأسهل والأرخص لدى معظم الفتيات اللائى لا يستطعن تصفيف شعرهن باستمرار نظرا لخشونته وهى سمة غالبة على معظم شعوب المنطقة، وكذلك عدم قدرتها على الذهاب إلى مصفف الشعر كل فترة «أسبوع مثلا» لتصفيف شعرها، أو عدم القدرة على توفير المساحيق التى تتناسب مع مظهر الشعر، فيتحول الشعر من جزء دال على جمال المرأة إلى عبء عليها تحاول تغطيته بهذا الحل السهل الذى يلجأ إليه معظم من يرتدين الحجاب، وهنا يذكر الباحث واقعة طريفة أوردها الباحث الإسلامى جمال البنا فى كتاب «الحجاب» وهى أن نجمة السينما البريطانية المشهورة «سارة مايلز» فاجأت مستقبليها فى أحد المؤتمرات السينمائية بالقاهرة بشعر ملفوف فى إيشارب، وقالت لهم إنه يصعب عليها تصفيف شعرها إلا لدى حلاقها الخاص فى لندن، ولهذا فإنها ببساطة تلفه فى إيشارب.

كما يذكر الكاتب أسبابا اجتماعية لارتداء الحجاب مثل الخوف من عقاب ولى الأمر أو الزوج أو مقاطعة العائلة، كما أن بعض الفتيات يتحجبن لتفادى المضايقات والمعاكسات فى الطريق العام، أو لأسباب نفسية، بدافع الكسل مثلا، أو تكيفا مع سيكولوجية القطيع والتكيف مع بقية الأفراد، ولا يستبعد الباحث أن يكون من ضمن أسباب انتشار الحجاب التحولات السياسية الدينية الشكلية التى تعرضت لها مصر فى عهد الرئيس السادات عندما حاول تحجيم الاتجاهات اليسارية لصالح الإسلاميين، بالإضافة إلى التأثر بالفكر الوهابى والحنبلى الوافد من الخارج، ويؤكد الكاتب أن هذه الأسباب جميعا أو بعضها قد تشترك فى دفع الفتيات أو النساء إلى ارتداء الحجاب، إلا أنهن لا يعترفن بذلك، بل يعتبرن الدين هو أساس اختيارهن للحجاب.