هل هو حكم بمصادرة مجلة «إبداع» أم مصادرة كل الإبداع؟

السبت 02-05-2009 00:00

كتب الشاعر حلمى سالم مقالاً نشرته «الحياة» اللندنية يوم 15 أبريل، ولا أدرى كيف لم ينشر فى جريدة مصرية، قال فيه «قضت محكمة القضاء الإدارى فى مصر يوم الاثنين 6 أبريل 2009 بإلغاء ترخيص مجلة (إبداع) بسبب نشر قصيدتى (شرفة ليلى مراد) بدعوى أن القصيدة كانت تحتوى على (مساس بالذات الإلهية). وبوصفى طرفًا فى هذه القضية، كمثقف مصرى، وكشاعر، وكصاحب القصيدة، أرى من واجبى أن أسجل النقاط التالية:

1- لا تعليق على أحكام القضاء.

2- إن مصادرة منبر ثقافى أدبى بقرار قضائى سابقة غريبة فى تاريخنا القضائى والثقافى الحديث.

3- إن القاضى الطبيعى للأدب هو النقاد والساحة النقدية، وليس قانون العقوبات، لأن «انحرافات» الأدب - إن وجدت - هى انحرافات مجازية خيالية رمزية إبداعية، وليست انحرافات جنائية كالقتل والسرقة والمخدرات.

واستطرد الشاعر: «إن المشكلة الجوهرية هى فى الأرضية الدستورية والقضائية والقانونية التى تمنح هؤلاء الشيوخ سندًا قويًا فى الاجتراء على الأدب ومحاكمته هذه المحاكمة البوليسية المترصدة، وأقصد بهذه الأرضية الأساس الدستورى الذى يعطيهم بالمادة الثانية فى الدستور ذلك الدعم المتين للاجتراء، وأقصد قانون الحسبة الذى موّهت علينا السلطات بعد واقعة نصر حامد أبوزيد، فنقلت البت فى بلاغات الحسبة إلى النيابة العامة، حتى ظننا أن الأزمة انفرجت، وكنا واهمين».

ويؤكد حلمى سالم فى مقاله أن القضاء «صار سلاحًا فى يد السلفية الدينية المتزمتة»، وأن قصيدته «ليس فيها مساس بالذات الإلهية ولا ازدراء للأديان، بل إن فيها على العكس نفحة صوفية لمن يريد أن يرى، ولمن ليس فى قلبه غرض أو مرض». ويقول «وإذا كان ثمة نص به شبهة تجاوز أو شطط، فمواجهته تكون بمساجلته ومقارعته، ونقده ونقضه فكريًا، هكذا يقول الدين الحنيف وجادلهم بالتى هى أحسن».

وفى يومياته الأسبوعية البديعة فى «الحياة» اللندنية أيضًا، نشر الكاتب اللبنانى محمد على فرحات فى عدد السبت الماضى تعليقًا على مهاجمة قافلة الثقافة فى مطروح: «الخوف على الثقافة المصرية ليس فى محله لأن مصر منذ آلاف السنين تهضم ثقافات الوافدين فى مركبها الثقافى، وليست مصر أبدًا قبيلة مشرقية خائفة ومخيفة فى آن واحد. ربما يكون مبعث الخوف نسيان القوميين العرب فى مصر مصريتهم، وتبنيهم مخاوف شرقية تعتبر بالنسبة إلى المصريين مجرد أوهام».

الكاتب الكبير على حق، ولكن كم هو باهظ ثمن هضم الثقافات الوافدة الخائفة والمخيفة.

samirmfarid@hotmail.com