لمن تدق الأجراس في سيناء

مي عزام السبت 07-03-2015 20:59

المفتتح

سأكون ما وسعَت يداي من الأفق

سأُعيدُ ترتيبَ الدروب على خطاي

سأكون ما كانت رؤاي

أنا من رأى

***********

المتن

صديقي الدكتور عدنان علي، أرسل لى أدعية وأذكارا على بريدي الإلكترونى وختم رسالته بعبارة «بلا سياسة بلا هم» وله الحق، فالحديث في السياسة لم يورثنا إلا الهم والكآبة حتى إن جني النكتة هجرنا وكيوبيد هرب دون أن يترك عنوانا.

لن أكتب اليوم عن التغيير الوزاري ولا عن العصفور الذي طار غير مأسوف عليه، ولكنني سأحدثكم عن حلم شخصى يراودني منذ سنوات ولم يتحقق حتى الآن، عندما نريد شيئا بشغف نقول «نفسي أعمل كذا أو كيت». كان نفسي أكون مراسل حربي، أسافر إلى مناطق الصراع حول العالم وأكتب عن المواجهة المباشرة بين الحياة والموت، كيف يفكر الإنسان المدني والعسكري في تلك الأوقات، كيف يعيش وكيف يتصرف؟ ماذا ينتظر من الحياة وهو مشتبك مع نقيضها؟ كيف هو الحب في زمن الحرب؟ ولماذا يتشبث الإنسان بقوة وشغف بكل رغبات الحياة وهو قريب من الموت والفناء؟ حينما شاهدت رواية «لمن تدق الأجراس؟» بعد أن تحولت فيلما فتنت بها، كنت صغيرة بهرني أداء إنجريد برجمان وجاري كوبروقتذاك، وبعدها حرصت على التعرف على عالم هيمنجواي الروائي، عالم يتصف بالتناقض ويجمع بين الأضداد: القسوة والحنان، الكراهية والشغف، عالم ثري رغم خشونته، مفعم بالتحدي والحيوية، حينذاك تمنيت أن أكون يوما مثل هيمنجواي أعود من ساحات الحرب والقتال لأكتب مثله بكل هذه البساطة والقوة. إعجابي بزوجته الثالثة مارثا جيلهورن لم يرق يوما لإعجابي بهذا الساحر الملعون، رغم أنها كانت صحفية قوية الشخصية عملت أيضا كمراسلة حربية وشاركته رحلته لإسبانيا لتغطية الحرب الأهلية عام 1937.

ضعفت صورة هيمنجواي في خيالي مع الأيام، بعد سنوات من عملي الصحفي أدركت أن حلمي بعيد .. بعيد.. وأن الحياة تضن عليك بما تريد وتعطيك ما تحتاج وعليك أن ترضى.

ولكن تظل الأحلام معك كقرينك المخالف، تطل برأسها بين حين وآخر لعلك تتذكرها وتحنو عليها، تحاول أن تبحث عن وسيلة لتتحقق.. العقبات قد تكون أقوى وإرادتك قد تكون أضعف، وتمر عربة الزمن بمحطات ومنحنيات وتشعر أن المنحنى على وشك الهبوط، تستغيث بإرادتك وشجاعتك وبقية من التهور لعلهم ينقذوا حلما من الضياع إلى الأبد.. وهو ما أحاول أن أفعله الآن على قدر استطاعتي وظروفي.

بعد عودة الزميل محمود مسلم إلى «المصري اليوم» كرئيس تحرير، قابلته في الجريدة وعرضت عليه رغبتي في السفر إلى سيناء لأكتب عما أراه في الواقع، فقال: الوضع الأمني خطر. قلت: أعرف. فرد: لو ذهبت سيكون تأمينك مسؤوليتك الشخصية، وافقت، فابتسم قائلا: خلاص، محمد البحراوي هناك حينما يعود سأرتب معه الأمر.

ولقد صدق محمود مسلم كعهدي به، وتواصل معى محمد البحراوي بعد عودته، وهو من الصحفيين المتميزين في «المصري اليوم» مجتهد وأمين، كان حريصا على أن ينقل للقارئ حقيقة ما يحدث في العريش بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف الجيش هناك وأحوال السكان وظروف المعيشة، ولقد أكد لي البحراوي ما سبق أن ذكره رئيس التحرير عن خطورة الوضع الأمني، وخاصة على الصحفيين فما بالك بالصحفيات! ووضح لي أن الجيش لديه الكثير من المهام القتالية ولا يمكن أن نطلب منه تأمين صحفي، فالتأمين مسؤوليتك الشخصية، شكرت محمد على معلوماته وتحذيراته وأكدت له أنني مازلت مقتنعة بموضوع السفر وطلبت منه المساعدة بالترتيب له... وعدنى أن يفعل... وأتوقع أن يكون ذلك قريبا بإذن الله .. أن تبدأ متأخرا أفضل من أن تنسى حلمك، تمسك به ليتمسك بك..

*********

الختام

«نسيان أمر ما صعود نحو باب الهاوية»

الأشعار في المفتتح والختام لمحمود درويش

EKTEBLY@HOTMAIL.COM