لماذا يحيى قلاش؟

علي البدراوي السبت 07-03-2015 20:46

قامت الدنيا ولم تقعد داخل قصر الرئاسة في عز سطوة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، بحثا عن طريقة يصل بها «المخلوع»، إلى نقيب الصحفيين الأسبق، جلال عارف، قبل أن يتوجه الأخير إلى إحدي اجتماعات الجمعية العمومية المنعقدة بالنقابة، ولم تفلح تلك المحاولات.

سكرتارية الرئاسة يحاولون الاتصال هاتفيا بمنزل النقيب، لكن دون جدوي، فلا أحد يرد على الهاتف، بينما «المخلوع» رأسه وألف سيف إلا أن يصل لـ«عارف»، ويتحدث إليه الآن!!

خطر في بال أحدهم فكرة أن يهاتف جيران النقيب ليبلغونه أن «مبارك» يحاول الاتصال على هاتف المنزل، ويرجوا الرد عليه، وبالفعل نجحت تلك المحاولة، بعدما توصل السكرتارية إلى هاتف الجيران، وتحدث «مبارك» إلى نقيب الصحفيين.

كان جميع المحيطين بـ«المخلوع»، يحذرونه من جلال عارف، المعروف بمعارضته للنظام، لكن «مبارك»، شاهد حوارا تلفزيونيا مع رئيس مكتب قناة الجزيرة آنذاك حسين عبدالغنى، فقال «مبارك» إن جلال عارف، يتحدث بمسؤولية، وليس كما يصفه البعض لي.

دعا «مبارك»، النقيب جلال عارف، إلى لقاء تم بالفعل، وكانت تلك هي البداية لتحقيق مطالب الصحفيين، مطلب تلو الآخر، وأصدر «المخلوع»، قرارا بإلغاء الحبس في قضايا النشر، لكن في الوقت نفسه، كان وجوده يؤرق النظام، ويرغب في إنهاء الحالة العامة التي خلقها النقيب، ليس في نقابة الصحفيين فحسب، بل امتدت آثارها إلى كل من يبحث عن الحرية، لدرجة أن رئيس نادي القضاة أرسل إلى جلال عارف، خطابا في نهاية مدته، بعنوان: سلالم نقابة الصحفيين في عهدك، قبلة المتشوقين إلى الحرية.

قال عنه «مبارك»: «للمرة الأولى ألتقى قيادة صحفية لا تطلب لنفسها شيئا»، وفى بداية دورته النقابية في 2003، تعامل النقيب جلال عارف، مع كل الملفات، وعقد المؤتمر العام الرابع للصحفيين تحت عنوان «هموم الصحافة والصحفيين»، وتناول كل القضايا المتعلقة بهما، وأعد لائحة أجور الصحفيين، بمشاركة الجمعية العمومية.

اهتم جلال عارف، بحل أزمة موارد النقابة، وعدل قانون الدمغة، وضاعف نسبة الـ1% ضريبة الإعلانات التي يتم تحصيلها لصالح النقابة، وحصل على أرض 6 أكتوبر لإنشاء مدينة الصحفيين، ولتكون إسكان منخفض التكلفة، وذلك بعد أن حول مشروع إسكان التجمع الخامس إلى حقيقة. تسلم النقابة مدينة بـ8 ملايين جنيه، وحينما تركها كانت حققت فائضا، رغم أن سابقيه كانوا تابعين للحكومة.

تحمل النظام النقيب جلال عارف، 4 سنوات كاملة، كان فيها يحيى قلاش، سكرتير عام النقابة، حينئذ، وناضل مع النقيب والجمعية العمومية من أجل الحصول على كل تلك الحقوق، لذلك منح النظام النقيب مكرم محمد أحمد، في الدورة التالية، أكبر زيادة في تاريخ بدل التدريب، 200 جنيه دفعة واحدة، للتخلص من تلك الفترة، ووأد التجربة وإغلاق ملفها وملف الصحفيين.

في بداية فترة النقيب مكرم محمد أحمد، في 2007، رفض «المخلوع» لقاء مجلس النقابة لإنهاء الملفات العالقة، وأحال الأمر لصفوت الشريف، الذي عقد اجتماعا مع المجلس، في حضور النقيب الجديد، وحينما عرض يحيى قلاش، سكرتير عام النقابة، الملفات العالقة، طالبا اتخاذ قرارات بشأنها، لم يعارضه صفوت الشريف، لكن كانت الاعتراض من قبل نقيب الصحفيين، الذي قال: «أنا ماليش دعوة بالماضى، أنا نقيب جديد بملفات جديدة»، هنا قال صفوت الشريف: «يا جماعة لما تتفقوا نبقى نقعد»، وأغلقت كل الملفات بمبلغ الـ200 جنيه حتى الآن.

حاول يحيى قلاش، المرشح لمنصب نقيب الصحفيين، وصل الماضى بالحاضر ليعبر بالصحفيين إلى المستقبل، ويكمل مسيرة النقباء العظام كامل زهيري، وجلال عارف، وغيرهم، لكن المتربصين بهؤلاء الصحفيين كانوا كُثر، ومن بينهم صحفيون يعتبرون أنفسهم مندوبين للدولة عند الصحفيين، وليسوا مندوبين للصحفيين عند الدولة، للأسف أوقفوا تلك المحاولة.

يحيى قلاش، الذي لا يحفظ كل قوانين النقابة فحسب، بل يعرف كل مقعد في مبناها عن ظهر قلب، يحيى قلاش، الذي إذا ما وجد أي نظام نفسه في مأزق نقابى إلا ولجأ إليه، وأقرب دليل على ذلك، أزمة زميلنا إسلام عفيفى، الذي كان في طريقه إلى الحبس، ولم يجد نظام «الإخوان»، مخرج، فلجأ وزير الإعلام الإخوانى صلاح عبدالمقصود، إلى «قلاش»، للبحث عن مخرج، وبالفعل اقترح عليهم تعديل الرئيس المعزول للقانون، ولم يُحبس «عفيفي».

يحيى قلاش، الذي لا يفرق في معاملاته مع زملاءه بين حزب وطنى أو ناصرى أو يساري أو إخواني، الكل صحفيين فحسب، تجده في مقدمة الصفوف دائما، وفى أحزاننا قبل أفراحنا، أفنى عمره كله في خدمة هذا الكيان النقابي العظيم، لم يسع يوما لسلطة، ولم يبغى مرضاة سلطان.

الفرصة تتجدد أمامكم زملائى أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، أناشدكم ألا تتركوها واختاروا مندوبا لكم لدي الدولة، لا مندوبا من الدولة لديكم، أناشد كباركم ألا تتركوا نقابتكم ومهنتكم التي قضيتم فيهما كل أعماركم فريسة في أيدى المتربصين، أناشد شبابكم أن تتمسكوا بمستقبلكم، وتنتصروا له، أناشدكم جميعا أن تستعيدوا كيانكم باستعادة نقابتكم.