في 17 يونيو 2014، أدى جابر عصفور، اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزيرًا للثقافة، في الوقت ذاته سادت حالة من الرضا بين المثقفين، معتبرين أن تولي «عصفور» حقيبة «الثقافة» يُعني عودة الإبداع للوزارة، فيما رفضه المثقفون المحسوبون على اليسار، فهو في نظرهم «مثقف السلطة».
وكانت هذه هي المرة الثانية التي يتولى فيها «عصفور» وزارة الثقافة، إذ اختاره الرئيس الأسبق حسني مبارك، لتولي الوزارة، خلال ثورة 25 يناير 2011، ولم يُمانع الرجل قبول المنصب في ظل سلطة تظاهر ضدها الشعب، وقتلت مئات الشباب.
«أنا في مهمة وطنية».. بتلك الكلمات علق «عصفور» على قبوله وزارة الثقافة عقب ثورة 30 يونيو، مضيفًا: «أسعى لتأسيس وضع سليم للثقافة المصرية خلال الفترة المقبلة، وخبرتي القديمة في الوزارة ستساعدني على ذلك».
وقبل أيام من توليه الوزارة، كتب «عصفور» مقالًا في صحيفة «الأهرام» بعنوان «تطوير المنظومة الثقافية للدولة»، قال فيه: «المنظومة الثقافية التي أتحدث عن الضرورة الحتمية لتطويرها أو تثويرها تقع المسؤولية عنها على طرفين، أولهما الدولة التي ينبغي أن تقوم بالدور الحاسم، وثانيهما المجتمع المدني الذي لابد للدولة من تفعيله وتشجيعه على الإسهام في تطوير وتحديث منظومتها الثقافية».
وبمجرد أن جلس «عصفور» على كرسي الوزارة، أطلق تصريحات تليفزيونية، تسببت في غضب السلفيين، إذ قال: «الكتب لها قدسية خاصة يجب احترامها، وأعارض حرق أي كتاب أيًا كان محتواه، حتى لو كان إخوانيًا ومخالفًا للدين الإسلامي»، وأضاف أن الفكر يجب محاربته بالفكر وليس بالحرق.
وتابع: «مشاهدة اللوحات العارية مسألة تتوقف على التربية الفنية، بدليل أن العالم المتقدم والعربي يوجد به اللوحات الفنية العارية والمجلات المصرية حتى وقت قريب كانت تنشر صورًا عارية، وهذا جمال إنساني»، متسائلًا: «ماذا سيحدث إذا شاهد الابن لوحة عارية؟»، كما وصف عدم التزام النساء بالحجاب في الستينيات بـ«الأمر الجيد».
تصريحات «عصفور» أوقعته في معركة مع حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، أحد شركاء ثورة 30 يونيو التي أطاحت حكم «الإخوان»، إذ رد رئيس الحزب، يونس مخيون، على تصريحات وزير الثقافة عبر تدوينة على صفحته بموقع «فيس بوك»، قال فيها: «وزير الثقافة ﻻ يفرق بين النخبة العلمانية المتطرفة وعموم الشعب المصري، وكذلك ﻻ يفرق بين كونه مثقفًا علمانيًا وكونه مسؤوﻻ ووزيرًا في حكومة يعبر عن سياستها وتوجهها».
وأضاف: «هنا نطرح سؤالين للقائمين على أمر البلاد ومن رشح هذا الوزير: هل هذا هو توجهكم؟، وإذا كانت الإجابة بالنفي، فهل من حق أي وزير أن يشطح ويقول ما يشاء خارج المنظومة؟».
واصطدم «عصفور» بالأزهر الشريف، أعلى مؤسسة دينية في البلاد، وذلك بعد اعتراضها على عرض فيلم «نوح»، إذ قال في حوار تليفزيوني: «لسنا في دولة دينية، والأزهر لا يحكمنا، ولن يحكمنا إلا الدستور»، ووجه رسالة لشيخ الأزهر، قائلًا: «ليس هناك في الشريعة ما يمنع من عرض فيلم نوح، ولو كنت وزيرًا للثقافة لسمحت بعرضه».
كما وصف «عصفور»، علماء الأزهر بـ«المتشددين الذين يرفضون الإبداع»، مبررًا ذلك برفضهم تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال السينمائية.
لكن اتضح أن تصريحات «عصفور» كانت للاستهلاك الإعلامي فقط، حيث سقط في أول اختبار حقيقي له، عندما رفض عرض فيلم ««الخروج: آلهة وملوك» للمخرج البريطاني ريدلي سكوت، والذي يتناول قصة هروب «موسى» من مصر، وبرر منع عرض الفيلم بقوله في تصريحات لوكالة فرانس برس: «الفيلم صهيوني بامتياز، فهو يعرض التاريخ من وجهة النظر الصهيونية، ويتضمن تزييفًا للوقائع التاريخية»، مضيفًا: «قرار منع الفيلم اتخذته وزارة الثقافة ولا علاقة للأزهر به، إذ لم يتم أخذ رأيه فى عرض الفيلم من عدمه».