أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أن الدور الإيجابى للحركات والائتلافات السياسية ومنظمات المجتمع المدنى لا يجيز لها التدخل في إدارة شؤون الدولة، لأن الانتساب للثورة لا يعنى الخروج على مبادئها وأهدافها، ولا يجوز أن يتحول للتسلط على العباد، وأنه يتعين على كل مسؤول قيادى في الدولة أن يمارس سلطاته في إطار القانون، ولا يجوز له أن يسمح لغير المختصين بالتدخل في إدارة شؤون الدولة.
وقضت المحكمة بإلغاء قرار رئيس مركز ومدينة إدكو، فيما تضمنه من سحب ترخيص البناء الصادر لأحد المواطنين استجابة للفاكس المرسل إليه من «ائتلاف شباب الثورة»، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها عدم الاعتداد بتدخل الائتلاف المذكور في إدارة شؤون الدولة وبطلان قرار رئيس المدينة الساحب للترخيص والزمت الحكومة المصروفات.
وكان أحد المواطنين بمدينة إدكو قد اشترى قطعة أرض عن طريق تقنين وضع اليد مع الدولة منذ 2008 ووافق على البيع كل من محافظ البحيرة، وإدارة أملاك الدولة، وأصدر رئيس مركز ومدينة إدكو ترخيص بناء للمواطن المذكور بتاريخ يونيو 2011، أي بعد ثورة 25 يناير 2011 ليبنى منزلا لأسرته، إلا أنه بعد يوم واحد أرسل هذا الائتلاف فاكسًا لرئيس مدينة إدكو لسحب الترخيص فاستجاب لهم وأصدر قرارًا بسحب الترخيص.
وقالت المحكمة إن الدور الإيجابى للحركات السياسية والثورية ومنظمات المجتمع المدنى، بما في ذلك حمل الحكومات على احترام حقوق الإنسان وحرياته، يجب أن يجد حده الطبيعى عند حدود القانون والوقوف في كل الأحوال على أعتابه دون التغول عليه أو الانتقاص منه، ذلك أن الانتساب للثورة لا يعنى الخروج على مبادئها أو أهدافها، كما لا يجوز لها التدخل في إدارة شؤون الدولة أو التأثير على سير المرافق العامة التي تقوم على تقديم الخدمات للمواطنين بما ينال من حقوقهم، إذ إنها بهذا التدخل تكون قد تجاوزت الدور المرسوم لها في الدستور والقانون، وبما يشكل افتئاتا على حقوق الشعب، كما يمثل تغولا على ممارسة سلطات الدولة لاختصاصاتها الدستورية والقانونية والإدارية، وهو الأمر المحظور في المواثيق الدولية.
وذكرت المحكمة أنه ما كان يجب على رئيس مركز ومدينة إدكو أن يقوم بسحب الترخيص الممنوح للمدعى استجابة للفاكس المرسل إليه من «ائتلاف شباب الثورة»، بعد أن استقر مركزه القانونى بتقنين وضعه على الأرض من الدولة منذ 2008، وهو ما يمثل تجاوزا من رئيس المدينة غير مشروع في مثل من يشغل درجته القيادية في الإدارة المحلية التي توجب عليه وهو على رأس العمل بها احترام سيادة القانون دون الاستجابة أو الاستكانة لأى حركة سياسية سوى سلطان القانون.
واختتمت المحكمة حكمها بأن الدولة القانونية هي التي تُخضع فيها نشاط الادارة إلى أحكام القانون، بحيث لا تتصرف فيها الإدارة بطريقة استبدادية باعتبار أن المرافق العامة ترمى إلى سد احتياجات تتصل بنفع عام، خاصة الوحدات المحلية التي تقدم خدمات للمواطنين، مما يتوجب فيه على المسؤولين اتباع القواعد والنظم التي يقررها القانون في منح المواطنين لحقوقهم، وبما يؤدى إلى سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، وأن خضوع الدولة للقانون يعد ضمانا للمواطنين ضد تعسف السلطة الإدارية، كما أن وجود مثل هذا الضمان في كل دولة أمر تحتمه الأوضاع السليمة في النظم الديمقراطية الحديثة.