حكمان أربكا الانتخابات فى مصر: الأول حكم «الدستورية» بشأن «تقسيم الدوائر».. الثانى حكم القضاء الإدارى بشأن نقابة الصحفيين.. الغريب فى الأمر رد فعل الجمهور.. كان الرد صادماً.. بعضهم قال: بلا دوشة.. آخرون قالوا: ريحونا وارتاحوا.. أما أنا فقد حزنت، لأن الانتخابات تأجلت.. سواء على مستوى مجلس النواب أو النقابة.. كلاهما لا ينبغى أن يتأخر.. هناك أوضاع ينبغى تصحيحها ولو بالانتخابات!
لا أدرى إن كانت انتخابات الصحفيين فى موعدها أم لا؟.. لكن سأعتبر أن الانتخابات قائمة، وأدلى بدلوى فيها.. على الأقل فيما يختص بمنصب النقيب تحديداً.. لأول مرة فى تاريخ النقابة يكون النقيب مذيعاً.. يعطى وقته للتليفزيون أكثر مما يعطيه للمهنة.. وحين غضب البعض هدد بأنه لا يريد النقابة، وأن استقالته جاهزة فى جيبه.. المثير أنه تقدم للانتخابات هذه المرة دون أن يذكر «مبررات مقنعة»!
أعرف أن كثيرين لا يُفصحون عن اختياراتهم، فالاقتراع فى الأصل سرى.. لكننى لست فى حاجة لهذه السرية، مادمت أتحدث عن مصلحة النقابة.. مصلحة النقابة والمهنة مع أى نقيب آخر غير ضياء رشوان.. كان الله فى عونه.. فهو باحث ومذيع وسياسى.. يريد أن يكون نائباً، ويريد أن يكون مذيعاً، ويريد أن يكون باحثاً.. فلا عنده وقت للنقابة، ولا عنده وقت لمشكلات الزملاء.. الفضائيات تأخذ كل وقته!
أتصور أن أقرب نقابة للأستاذ ضياء رشوان هى نقابة الإعلاميين.. فقد ظهرت عليه أمارات الإعلام أكثر من الصحافة.. ولعله وجد نفسه فيها أكثر.. وكم من زملاء تعرضوا لمضايقات كان فيها «النقيب» فى الاستديوهات ليسجل حلقة من برنامجه، أو يستعد ليكون ضيفاً على برنامج آخر.. هو حرٌّ فى اختياراته.. لكن لا ينبغى أن يترشح نقيباً، وقد أعلن استعداده للاستقالة، لو جمعوا مائة توقيع (!)
النقطة التى كان يلعب عليها مرشحو الحكومة زمان هى مسألة زيادة بدل التكنولوجيا.. وكل هؤلاء نسوا فى لحظة الانتشاء أن الحكومة لا تعطى الزيادة للنقيب، ولكنها ترى أنه حق للجماعة الصحفية حين تقارنها برجال القضاء.. وبالتالى فهذا البدل لا يصرف لمرشح بعينه.. وكان أحرى به أن تكون قضيته هى المهنة.. وكان أولى به أن تكون له أجندة محددة، لإصلاح أحوال الصحف والصحفيين معاً!
نقابة الصحفيين تحتاج إلى نقيب متفرغ.. نقيب يُشعرك بهيبة النقابة.. فقد كانت انتخابات النقيب زمان تربك الحكومة.. فكانت تدفع فيها بثقلها.. الآن لا الحكومة تهتم، ولا الجماعة الصحفية تهتم بالمرة.. رد فعلها الفورى على حكم التأجيل كان بلا دوشة.. الآن كل صحفى فى ذاته نقيب، حين غاب النقيب، وأصبحت شغلته الجرى على الفضائيات.. يرحم الله نقباءنا السابقين.. لم يظهروا فى التليفزيون إلا نادراً!
فلا تنتخبوا «نقيب الفضائيات».. نريد نقيباً للصحفيين.. يهتم بأحوالنا، ويهتم بالمؤسسات المعرضة للإفلاس والانهيار.. هناك من سينتخب مرشحاً بعينه، ثم يذهب ليقبّل الفائز، وهو نفاق رخيص.. أما أنا فسأنتخب «يحيى قلاش» من أجل المهنة.. وسأقبل «ضياء رشوان».. قبل الانتخابات وبعدها.. حبايب(!)