سلمان والسيسي.. وفخ الصراع السني الشيعي

مصباح قطب السبت 28-02-2015 21:07

لا أظن أحدا في المنطقة العربية يصدق الشعار الإيراني المجهز للسوق المحلية والتصدير، والقائل «الموت لأمريكا والموت لإسرائيل». الدهاء الإيراني لم يعد كافيا لإخفاء ما يحدث على الأرض، حيث الشعار يتم رفعه- مثلا- على الحوائط اليمنية بالضبط في اللحظة التي لا يخفى فيها على أحد توجه الولايات المتحدة للتحالف مع إيران لتكون نقطة ارتكاز في الهيمنة على المنطقة وجبهة أمامية للصراع المقبل مع آسيا. قد يكون هناك تقصير من المخابرات السعودية حيث لم تتم مقاومة عملية قيام كوادر من حزب الله بزرع الشعار في اليمن ليكون مصيدة للزبائن السياسيين وأداة حشد هناك لكن ربما كانت السعودية قد قصدت ذلك للوصول إلى نقطة تستطيع منها تجييش الرأي العام العربي بل الدولي (بسبب باب المندب) ضد إيران. إن محاولات إيران تجميع مزيد من الأوراق العربية في يديها لتستخدمها أداة تفاوض مع الولايات المتحدة حول برنامجها النووي .. تغري السعودية أو تدفعها على العمل لتشكيل جبهة سنية لمناوئة هذا التمدد الإيراني (الشيعي) المريب، بيد أن ذلك هو أسوأ الحلول التي يتعين اللجوء إليها.

ثمة إشارات سعودية دلت على سعي لتحقيق قدر من التهدئة بين كل من مصر وقطر، ومصر وتركيا، وبالتبعية مصر والإخوان ليس من أجل سواد عيون الإخوان حيث السعودية جادة في اعتبارهم جماعة إرهابية هناك ولكن لتجميع هذه الجبهة.

الربيع العربى من المنظور الأمريكي كان يشمل بالأصل خلق جبهتين سنيتين واحدة بقيادة تركيا (وقطر كسنيد ودفّيع) وتشمل مصر واليمن وليبيا وتونس والثانية بقيادة السعودية وتضم اليمن والمغرب والأردن وقسما من العراق وأطرافا خليجية لتعملا ككماشة لتطويق النفوذ الإيراني أو حتى لإشعال حرب سنية شيعية تحقق في النهاية ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن بأيدي أبناء المنطقة أنفسهم. تغيرت المعادلات بعد إزاحة الإخوان في 30 يونيو واستعادة مصر عافيتها وبدأ الحديث عن منظور جديد للإقليم قوامه الرابطة العربية...الرابطة التي تم تغييبها منذ كامب ديفيد، وظهر كم خسر العالم العربي بسبب ذلك.

لكن العودة إلى سني ضد شيعي تهدد هذا التطور. لذلك فإن مهمة الرئيس السيسي في السعودية حساسة. فمصر كما هو واضح وكما يجب دائما متمسكة بعلاقات استراتيجية مع السعودية وإدارة أي خلافات بهدوء وحكمة حتى لا تسمح لقوى أجنبية بإفساد علاقات البلدين مرة أخرى وقد رأينا كم الخسائر التي لحقت بالعرب بسبب نزاعات مصر والسعودية منذ ما بعد حرب اليمن. في نفس الوقت قد تطلب السعودية من مصر دورا أكبر في مواجهة الخطر الإيراني الشيعي باعتباره الأولى حاليا ولسان حالها يقول: ها أنتم ترون كيف وصل إلى باب المندب ويهدد قناة السويس؟.

الهدف الأمريكي الأبعد كان استخدام الصراع السني الشيعي هذا أداة للأهم المقبل وهو الصراع مع العملاق الصيني والذي تعتزم الولايات المتحدة استخدام صدام الحضارت والأديان بكثافة فيه (أي الإسلام ضد الإلحاد أو الشيوعية). التوجه السعودي مهما كانت مبرراته يخدم الفكرة الأمريكية في النهاية فكيف يمكن تفادي ذلك؟. إذا كان على مصر أن تقدر خطر طموحات إيران فإن على السعودية أيضا تقدير موضوعية التوجه المصرى الرامي إلى إحلال مزاجية جديدة في المنطقة قوامها البعد الحضاري الوطني والعربي والإسلامي في مواجهة خطاب الغرباء عن الإقليم (إيران وتركيا معا) مع هدف أساس هو إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية؛ فذلك أصل الداء وهو الذي خلق مساحة شاسعة للتطرف ولإيران وغير إيران. التصور المصري يقتضي قيادة مصر للمنطقة ما قد يثير حساسية. لكن الموضوع محلول. قيادة مصر يجب أن تكون في الجوهر قيادة مصرية سعودية عربية بعامة... توجه وليس زعامة دولة. أظن أن السعوديين يمكن أن يتفهموا ذلك.