وفاة المفكر الفلسطينى إدوارد سعيد

الخميس 24-09-2009 23:00

حين علم المفكر الفلسطينى إدوارد سعيد بإصابته بالسرطان جال فى أماكنه الأولى التى توزعت عليها حياته ربما ليعيد قراءة ذاكرته ومساءلة المكان وهويته وموقعه الجديد فى هذه الذاكرة وفق ما طرأ واستجد فلا فلسطين فلسطينية ولا القاهرة أغرته بعد طول غياب، ولبنان هذا الذى خبر تمزقاته، بقى على علاّته ـ الأصلح والأقرب إلى طبيعة الرجل القلقة والهائمة فلم يتصالح إدوارد مع أى من هذه الأماكن وعلى هذه الخلفية جاء كتابه (خارج المكان)حيث تحدث عن هذا الأمر على نحو تحليلى مدهش وبارع وموجع أيضا.

وإدوارد سعيد فلسطينى المولد عالمى الأفق والرؤية، اهتم بالأدب المقارن والفلسفة والموسيقى والسياسة وهو مولود فى القدس فى 1 نوفمبر 1935 لعائلة مسيحية.

وأصبح لاجئا مع عائلته بعد تقسيم فلسطين عام 1947، وانتقل إلى القاهرة للعيش مع أقاربه. ودرس فى مدرسة سان جورج ومن ثم فى كلية فيكتوريا بالإسكندرية التى طرد منها عام 1951 وقرر والداه إرساله إلى المدرسة التحضيرية فى ماساشوستس فى الولايات المتحدة. تخرج سعيد فى جامعة برنستون الأمريكية وحصل على درجتى الماجستير والدكتوراه من جامعة هارفارد بأطروحة عن أدب جوزيف كونراد.

ومن ثم أصبح إدوارد سعيد أستاذا للأدب المقارن فى جامعة كولومبيا الأمريكية التى قضى فيها معظم حياته الأكاديمية، لكنه كان يتجول كأستاذ زائر فى عدد من كبريات المؤسسات الأكاديمية مثل جامعة يايل وهارفرد وجون هوبكنز.

كون سعيد صداقة مع الموسيقار الإسرائيلى دانييل بارينبويم، وأسس الاثنان أوركسترا الديوان الغربى الشرقى ويعتبر كتابه (الاستشراق) من أهم أعماله ويعد بداية فرع العلم الذى يعرف بدراسات ما بعد الكولونيالية.

كان سعيد منتقدا قويا ودائما للحكومة الإسرائيلية والأمريكية لما كان يعتبره إساءة وإهانة الدولة اليهودية للفلسطينيين.

وكان من أشد المعارضين لاتفاقيات أوسلو وانتقد سعيد الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات واعتبر أن اتفاقيات أوسلو كانت صفقة خاسرة للفلسطينيين.لقد كان دائماً من المؤمنين بالحل المبنى على قيام دولة ثنائية القومية.

وقد شكلت نكسة يونيو 1967 انعطافة كبرى فى حياة إدوارد سعيد حيث بدأ يسائل الهوية كفلسطينى، فهو المسيحى الذى لم يأل جهدا فى الدفاع عن الإسلام وهو الفلسطينى الذى تجمعه علاقات واسعة مع اليهود وهو العربى الذى تنقل بين فلسطين ومصر ولبنان،

كما درس فى أمريكا وعاش فيها وأصبح أستاذا فى جامعاتها، توفى إدوارد سعيد فى أحد مستشفيات نيويورك فى مثل هذا اليوم (25 سبتمبر 2003) على إثر إصابته بمرض اللوكيميا.