كتاتيب الأزهر.. أم أندية العلوم؟

حسام السكري الثلاثاء 24-02-2015 21:46

وضعت «نيويورك تايمز» على موقعها فيلما وثائقيا قصيرا عن فتى داعش المدلل إسلام يكن. يحاول الفيلم أن يفهم كيفية تحول شاب من أبناء الطبقة المتوسطة إلى التطرف والالتحاق بجماعات القتل والذبح باسم الإسلام. فى طيات الموضوع كلمة عابرة ربما لا يلحظها كثيرون، عن المرحلة التى سبقت خروج يكن من مصر. يقول الفيلم فى اقتضاب: «فى تلك الفترة تأثر إسلام يكن بعلماء السلفيين من أمثال الشيخ محمد حسين يعقوب».

وكما حدث مع إسلام وغيره تبدأ خطوات التخرج من أكاديميات الإرهاب، بالدعوة إلى مكارم الأخلاق، ونبذ الموبقات التى يتسع نطاقها شيئا فشيئا لتشمل الصالح والطالح، وتترك الضحية فى عزلة ذهنية تامة أمام شيوخ تحصنوا بنصوص مفسرى عصور الفتنة.

التسليم والإذعان والطاعة من شروط الانضمام إلى نادى الأنقياء، مع ترسيخ مستمر لتفسيرات بعينها لنصوص القرآن، لا يُقبل فيها جدل ولا مناقشة.

ليست هذه هى المرة الأولى التى تظهر لنا فيها بوضوح معالم رحلة الإرهاب والتطرف، التى يحاول طمسها من أمام أعيننا أحيانا المروجون لتيار الإسلام السياسى. فمن جعبتهم خرجت أوهام الخلافة، والتفوق العقائدى، وبذور التطرف الدينى التى حملتهم إلى مقاعد السلطة.

ولا يختلف تأثير بعض علماء الأزهر عما يفعله السلفيون والإسلاميون المسيسون. فمقاومتهم لتنقيح مناهج التدريس فى المؤسسة شرسة وحادة، وبعض ما يأتون به من فتاوى لا يختلف عما تنادى به «داعش».

والغريب أن الدولة لم تجد وسيلة لمقاومة التطرف أفضل من السماح بتشكيل عقول أطفالنا من خلال تسليمهم لهؤلاء، عن طريق السماح باستعادة نظام الكتاتيب.

ألفان من الكتاتيب ستُفتتح فى محافظات مصر المهددة بالتطرف، لتعيد صياغة أذهان الأطفال على مدى سنتين، قبل دخول مرحلة الدراسة الابتدائية. سنتان يتم فيهما تشكيل الوعى على نفس الخطى التى أوصلتنا إلى الأزمة.

والحل؟

لحسن الحظ، لا يوجد ما هو أبسط ولا أسهل من الحل.

دعونا نؤسس ألفى مقر جديد لأندية العلوم عبر الجمهورية. دعونا نفتح باب التبرع بوسائل الإيضاح والكتب والأفلام العلمية لتتحول هذه الأندية إلى مراكز جذب لأطفال وتلاميذ مصر. لننشر الإبداع وندرسه فى المدارس بدلا من نشر ثقافة الحفظ فى الكتاتيب. لنحدث أطفالنا عن قصص ونوادر العلماء والمخترعين، ونوجه الدعوة لعلماء الداخل والخارج لزيارة مدارسهم والحديث معهم عن عظمة العلم وإبداع العقل. لندفع ما يوازى ثمن طائرتين من طائرات رافال الفرنسية التى اشتريناها مؤخرا بنحو ستة آلاف مليون دولار لدعم المشروع. عُشر هذا المبلغ كفيل بتمويل فصول الإبداع ونوادى المعرفة. لنفتح الباب أمام أصحاب الأعمال والمصانع لدعم مرتادى الأندية واحتضان الموهوبين منهم.

لنطلب من كل إذاعة ومحطة تليفزيون أن تنتج برنامجا يوميا واحدا فقط مدته نصف ساعة، يترجم فيه بعض ما تبثه القنوات العالمية من برامج العلوم والتكنولوجيا.

لنكافئ الصحف التى تقدم أبوابا علمية محترمة، ونشيد بدور النشر التى تطبع الكتب العلمية المبسطة.

فالعلم والعقل هما الحل والسبيل، وماعدا ذلك لن يأتينا إلا بداعش، والمزيد من داعش.