نظريًا، هي مباراة بين بطل الدوري الإيطالي وبين فريق تفصله 3 نقاط عن مراكز الهبوط بالدوري الألماني، ولكن هذا الشكل النظري لا يعني شيئًا في مباراة اليوم، الثلاثاء، التي تعتبر ربما أصعب لقاءات دور الـ16 في دوري أبطال أوروبا وأكثرها ندية.
بروسيا دورتموند عانى بشكلٍ غريب خلال النصف الأول من الموسم الحالي في مباريات الدوري الألماني، لدرجة أنه أنهى الدور الأول وهو في المركز الأخير، أمر لا يفسره حتى حجم الإصابات المتتالية التي تعرض لها، أو سوء الحظ المبالغ فيه الذي تعرض له، خصوصًا مع أدائه الرائع أوروبيًا واحتلاله قمة مجموعته فوق أرسنال الإنجليزي.
مشكلة دورتموند الأكبر التي ظهرت هذا الموسم كانت فنية بالأساس، الفريق غير جيد في بناء الهجمة في حالِ امتلاك الكرة، لم يصل أفراده، خصوصًا الجدد منهم مثل مهاجميه إيمبولي وراموس، لتناغم كامل مع بقية الفريق، وفي نفس الوقت المساحات الضيقة تخنق كل القدرات الهجومية التي يملكها لاعبوه.
ومع لعب أغلب فرق الدوري الألماني أمام دورتموند، وصيف البطولة ووصيف أوروبا قبل عامين، بدفاع متراجع جدًا واعتماد على الهجمة المرتدة أو أخطاء خط الدفاع، التي كثرت جدًا نظرًا لإصابات الثلاثي هوملز وسوبوبيتش وسوكراتيس المتكررة، فإن النتائج كانت بتلك الكارثية.
أوروبيًا لا يعاني الفريق من تلك المشكلة، لأنه غير مُطالب أصلًا أن يكون المُبادر بالهجوم، ولا يلعب خصمه بدفاعٍ مبالغ فيه، لذلك كان هناك مباريات رائعة أمام أرسنال وأندرلخت وجالاطا سراي، وانتصارات بنتائج عريضة داخل ألمانيا وخارجها، الخطوط تكون متقاربة دفاعًا، وفي حالة الهجوم فإن التنفيذ المذهل للهجمة المرتدة، أو سرعات رويس أو مختاريان أو أوبومايانج أو كاجاوا وقدرتهم على الحركة في المساحات تتكفل بصنع غلبة الفريق وانتصاره.
تلك النقطة تحديدًا هي ما تصنع التوازن في مباراة الثلاثاء بين دورتموند ويوفنتوس، قدرة الألمان على اللعب جيدًا حين يكونوا مطالبين برد الفعل وليس الفعل، وحين تلعب مع بطل إيطاليا وعلى ملعبه.. فلن تكون بالطبع مبادرًا، وستنتظر اللعب على المساحات المتروكة في ظهر الخصم، والسرعات التي يتفوق فيها فريقك على نظيره بدرجاتٍ واضحة.
الأمر الآخر الذي يصنع تكافؤا فى المباراة هو ارتفاع نسق دورتموند بعد عطلة الشتاء، لاتزال هناك مشاكل في التعامل مع التكتلات الدفاعية، أو اللعب في المساحات الضيقة، دفاع الفريق مازال يتلقى أهدافًا ساذجة من كراتٍ ثابتة أو أخطاء غير متوقعة، ولكن السبب في هذا الارتفاع هو ثبات التشكيل لأول مرة منذ فترة طويلة.. القائمة الأساسية شبه مكتملة، ويورجان كلوب توصل أخيرًا لشكل هجومي شبه ثابت يضم رويس وأوبوميانج وكاجاوا مع مختاريان أو الوافد الجديد كيمبل، ومن ورائهم تم تثبيت جندوجان ونوري شاهين، والفوارق الفنية لهؤلاء اللاعبين، رغم عدم اكتمال لياقتهم، صنعت الفارق في مباريات الفريق الأخيرة بالدوري، وجعلتهم يفوزون بثلاثِة لقاءات على التوالي لأول مرة منذ بداية الموسم، وهو أمر جيد في جدول المسابقة.. والأهم له أثر نفسي في تقليل الضغوط قليلًا قبل مواجهتهم الأوروبية.
على الناحية الأخرى، يوفنتوس يظهر قويًا جدًا في الدوري الإيطالي، ينفرد بالصدارة مع فارق 9 نقاط كاملة عن وصيفه، ولم يخسر إلا مباراة واحدة، ولكن محبي الفريق يدركون أن نسخته الحالية مع ماسيمليانو أليجري أضعف وأقل تماسكًا مما كانت عليه مع أنطونيو كونتي في المواسم الأخيرة، وأن تفوقه المحلي يرجع جانب أساسي منه لضعف المنافسة حاليًا وترنح أغلب فرق إيطاليا الكبرى وعلى رأسها فريقا مدينة ميلان، ومعاناة الفريق الأوروبية في دوري المجموعات وخسارته لمبارتين أمام أتلتيكو مدريد وأولمبياكوس اليوناني، وتعادله خارج أرضه مع فريق مالمو المغمور، كلها مؤشرات على صعوبة مهمة الفريق في دوري الأبطال وأن النتائج قد تأتي أقل من طموحات المشجعين.
لذلك، فإن الشكل النظري للقاء غير مهم على الإطلاق، ودورتموند سيكون خصمًا صعبًا للغاية أمام بطل إيطاليا الوحيد.