علي سالم.. صاحب «المدرسة» ومؤيد التطبيع (بروفايل)

كتب: رضا غُنيم الثلاثاء 24-02-2015 11:17

منفتح على ثقافات العالم، مُبدع في حرفته، يجمع بين المسرح والفلسفة، لا يُجيد المراوغة أو مسك العصا من المنتصف، ولا يفعل كل ما ينال إعجاب الآخرين، بل يكتب ما يؤمن به، لم يرتم في أحضان الحتمية، ولم يحبس أفكاره داخل عقله.

على سالم يُفضل لقب «الكاتب» دون إلصاقه بالصحفي أو المسرحي، عُرف عنه الصمود والوقوف ضد التيار، يقف ضد الظلاميين، والمتمسكين بالمطلق، والذين يتغذون على المعرفة الملغومة بالرأي، ومن يصبغون الثقافة بالمؤدلجات.

تخرج «سالم» فى كلية الآداب عام 1959، وبدأت علاقته بالفن من خلال عمله بمسرح العرائس، وفي 1966 كانت مسرحيته الأولى «الناس اللي في السماء الثامنة»، لم يكن وقتها نجمًا، حيث بدأت نجوميته مع مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التي حظيت بنجاح منقطع النظير.

بدأ «أبوعلوة»- كما يُلقبه أصدقاؤه- صدامه مع المثقفين المصريين عقب اتفاقية السلام مع إسرائيل، المعروفة بـ«كامب ديفيد»، حيث أيد خطوات الرئيس الراحل أنور السادات، ولم يكتف مؤلف «أغنية على الممر»، التي روى فيها بطولات الجنود المصريين في حرب أكتوبر 1973، بذلك، بل سافر إلى إسرائيل، في زيارة اعتبرها «رحلة للتخلص من الكراهية».

المثقفون الذين يحبسون أنفسهم داخل قفص حديدي لم يحترموا قناعات مؤلف «مدرسة المشاغبين»، وحاصروه في الفضائيات والنقابات، وأصبح يعاني من «مقاطعة جماعية»، ولم يتمكن من تقديم أي عمل مسرحي، وأصدر شريط كاسيت بعنوان «أقوى الضحكات»، في محاولة منه لتحويل أعماله إلى كلام مسموع وبصوته، وفي محاولة لكسر عزلته.

رغم حالة الحصار المفروضة عليه لم يتراجع «المُشاغب» عن آرائه السياسية، بل زاد عليها: «إسرائيل ليست العدو.. حماس هي العدو الحقيقي»، تعرض للاتهام بالخيانة، فكان رده: «المثقفون المصريون لم ينضجوا بعد»، لم يحزن من الهجوم عليه، ويعترف بأنه يدفع ثمن ما يؤمن به.

صنفه البعض بأنه «مثقف السلطة»، لكن الوصف لم يكن دقيقًا، فالدولة كانت جنبًا إلى جنب مع المثقفين في حالة الحصار المفروضة عليه، ومنعته من السفر إلى جامعة بن غوريون في إسرائيل لحضور الحفل الذي نظمته الجامعة له، بمناسبة منحه الدكتوراة الفخرية، بينما يعلن بنفسه حاليًا أنه في صف الدولة، لأنها في حالة حرب حقيقية مع الإرهاب.

يكتب على سالم مقالا في صحيفة «الشرق الأوسط»، مؤمنًا بمبدأ «الأغلبية لا تطمئن الكاتب أو المفكر»، يضع تحليلاته دون أن يهتم بردود الفعل، كما حدث في المقال الذي كتبه بـ«المصري اليوم» في مايو 2014، تحت عنوان «جماعة شرف البوليس»، والذي أثار ردود فعل غاضبة ضده، وصلت إلى حد المطالبة بمحاكمته، بتهمة التحريض على القتل.

لا يخشى «الطفل الضاحك»- كما يُحب أن يُعرف نفسه- الموت، إيمانًا منه بأنه لم يفعل شيئًا يخجل منه، لا يؤمن بالسعادة، ويرى أنها وهم صنعه الإنسان، ويعتبر جملة شوبنهاور «الحياة ليست محلًا للسعادة بل الإنجاز» هي البديل الحقيقي لكلمة السعادة، يُحب التواضع، ليس من باب «مكارم الأخلاق»، بل لأن المتواضع يستطيع أن يعرف نفسه، وما يدور حوله، والذي يُخاصم التواضع يكون «أعمى».