تواصلت أمس مفاوضات السلام المباشرة بين الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى منزل الأخير بالقدس المحتلة، بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون والمبعوث الأمريكى للسلام جورج ميتشل، لوضع جدول المحادثات، وسط خلافات مستمرة بشأن الاستيطان بعد انطلاق الجولة الثانية فى شرم الشيخ، أمس الأول.
وسعت هيلارى فى إطار الضغوط الأمريكية المستمرة للتغلب على عقبة الاستيطان إلى إنقاذ المفاوضات مع الخلافات التى سربتها وكالات الأنباء بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى شرم الشيخ، أمس الأول، ورغم تأكيدات المسؤولين الأمريكيين برغبة أبومازن ونتنياهو في التغلب عليها فإنه لم يتم تحقيق أى اختراق.
وبدأت هيلارى لقاءاتها فى القدس بالرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز وبعدها نتنياهو ثم أبومازن، ثم اجتمع نتنياهو بالرئيس الفلسطينى على انفراد، وأعلنت هيلارى بعد لقائها بيريز أن الفلسطينيين والإسرائيليين يدخلون فى صلب الموضوع وبدأو بحث المسائل الجوهرية فى المحادثات المباشرة وأعلنت «أنها تعتقد جديتهما إزاء الرغبة فى التوصل إلى اتفاق» موضحة «أن الجانبين انخرطا فى العمل وتناولا القضايا الجوهرية التى لا يمكن أن تحل إلا من خلال الحوار». وأشاد بيريز بجولة شرم الشيخ،
قائلاً إنها جاءت أفضل بكثير من التوقعات، كما وصف عوفير جندلمان، المتحدث باسم نتنياهو، انطلاقة الجولة الثانية بأنها جيدة وقال إن كل قضايا الوضع النهائى سيتم حلها فى القدس. واعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن جولة شرم الشيخ تناولت قضايا جوهرية فيما جاء عقد هذه الجولة التفاوضية على أرض مصرية ليظهر الأهمية التى توليها مصر لعملية السلام.
وكشفت مصادر مطلعة على مجريات المفاوضات لـوكالة «معا» الفلسطينية، عن وجود مساع أمريكية للتدخل كلما نشبت أزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وانتهاج سياسة طرح الحلول الوسط، موضحة أن الحديث يدور عن إمكانية طرح مقترحات بخصوص قضية الاستيطان تتمثل فى إلزام اسرائيل بوقف أى توسيعات جديدة فى المستوطنات خارج ما يسمى حدودها الهيكلية،
واقتصار عمليات البناء داخل المستوطنات وبشكل عمودى وليس بشكل أفقى، موضحة أن مساحة الأراضى التى تصنفها إسرائيل بحدود المستوطنات الهيكلية تصل إلى 40% من مساحة الضفة، الأمر الذى يجعل الجانب الفلسطينى يرفض رفضا قاطعا الحلول الوسط بهذا الخصوص. وأفادت صحيفة «هاآرتس» بأن الإدارة الأمريكية تمارس ضغوطا كبيرة على نتنياهو وعباس، ليتوصلا إلى حل وسط بشأن استمرار البناء فى الأراضى المحتلة
وأضافت أن عدة حلول طرحت فى شرم الشيخ دون تحقيق تقدم، موضحة أن نتنياهو يعتزم لقاء «أبومازن» قبل انتهاء مفعول قرار تجميد البناء فى الـ26 من الشهر الحالى. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو و«أبومازن» سيتوجهان السبت المقبل إلى نيويورك لحضور قمة ينظمها الرئيس الامريكى الأسبق بيل كلينتون على هامش انعقاد اجتماع الجمعية العامة وبعدها سيلتقيان أوباما لتذليل خلافات الاستيطان.
بدوره، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، أن اجتماع أمس بين نتنياهو وعباس بحث تفاصيل جدول الاعمال لهذه المفاوضات، وقالت مصادر فلسطينية إن الخلافات على جدول الأعمال كادت تفجر الجولة الثانية، وإن محادثات شرم الشيخ فشلت فى الاتفاق على جدول أعمال للمفاوضات المرتقبة،
وأضافت إن جولتى المفاوضات الأولى والثانية ما زالتا تبحثان جدول أعمال المفاوضات المباشرة التى من المفترض أن تجرى بين الجانبين، منوهة بأن «جدول أعمال المفاوضات بحاجة لمفاوضات». بينما وضعت الشرطة الإسرائيلية فى القدس المحتلة فى حالة تأهب لليوم الثانى على التوالى وبالتزامن مع احتفالات «عيد الغفران» اليهودى فى نهاية الأسبوع الجارى.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم أمس «إن السلطات الإسرائيلية تدرس إطلاق سراح أسرى فلسطينيين ونقل سيادة بعض المناطق فى الضفة المحتلة للسلطة الفلسطينية وتجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبرى التى تعتزم الدولة العبرية الاحتفاظ بها ضمن سيادتها فى أى اتفاق سلام مستقبلى»، وذلك فى إطار ما سمته الصحيفة «بادرات حسن نية تجاه السلطة الفلسطينية بالرغم من التعقيدات التى تشوب المفاوضات المباشرة».
وعلى الصعيد ذاته، رأى ميتشل أن الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى يتعين عليهما ايجاد الحلول للمشكلات العالقة فى المفاوضات، ولم يستبعد أن تتدخل الولايات المتحدة لتشجيع لاطرفين أو تقديم مقترحات تساعد على سير المفاوضات، بينما قالت الصحف الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو تريد أن يمتد تطبيق أى اتفاق تسوية على مدى عشرات السنين، وهى معلومات لم ينفها مكتب رئيس الوزراء.
وعلى وقع المحادثات، تعرضت مدينة عسقلان جنوب اسرائيل، فجر أمس، لإطلاق صاروخ من قطاع غزة، فيما سقطت قذيفتا هاون بمنطقة «أشكول» القريبة من عسقلان دون وقوع أضرار أو إصابات، كما أصيب فلسطينيان على الأقل فى قصف مدفعى إسرائيلى فى منطقة جحر الديك شرق مدينة غزة.
وفى الوقت نفسه، ذكر موقع «عرب 48» الإخبارى أن فصائل المقاومة ََِالفلسطينية التى تتخذ من دمشق مقراً لها جددت رفضها للمفاوضات واعتبرت أن الجولة الثانية «مسرحية للسيناريو الأمريكى الإسرائيلى الذى يسعى للنيل من القضية الفلسطينية»، محذرة من «نتائجها الكارثية» التى سيتم مواجهتها بـ«خيار المقاومة» ويضم التحالف 10 فصائل على رأسها حماس والجهاد الإسلامى والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة.