شهدت القاهرة، الأسبوع الماضى، تحركات فلسطينية من مختلف الاتجاهات، ففى الوقت الذى بحث فيه الرئيس حسنى مبارك مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» الموقف من قضية الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية، كان الوزير عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات المصرية، يبحث مع رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، خالد مشعل، سبل استئناف الحوار بين حركتى فتح وحماس، وتحقيق مصالحة وطنية فلسطينية، وإنهاء ملف الجندى الإسرائيلى الأسير جلعاد شاليط.
وبدا أن هذه التحركات تتسارع وتتشعب لتشمل الموقف داخلياً وخارجياً فى محاولة لتهيئة الساحة الفلسطينية، والأجواء العربية، لاستقبال خطة أمريكية بشأن التسوية يجرى إعدادها حالياً.
ويبدو أن القاهرة تسعى بخطوات حثيثة لإتمام ما بدأته بشأن المصالحة الفلسطينية، وهى بصدد إعداد ورقة خلال أيام سيتم دراستها من أطراف المشكلة «فتح وحماس» فى أكتوبر المقبل للرد عليها، وإمكانية التجاوب معها.
غير أن حماس ترى أن رهان السلطة الفلسطينية على عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية فى يناير المقبل غير منطقى، وأن الحل هو الذهاب إلى الانتخابات بتوافق وبمصالحة، وليس كما تريد السلطة الفلسطينية، أن تكون الانتخابات من دون مصالحة إذا لم يتوصل الأطراف إليها،
إذ تريد حماس قبول الآخر بطريقة ديمقراطية، وأهمها أن يتم التوافق على الانتخابات من جميع الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس،
خاصة أن المباحثات التى أجراها مشعل فى القاهرة ركزت على خيار المصالحة، لأنه الطريق الوحيد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، إذ ترى حماس أنه لا يمكن إجراء المفاوضات عن طريق فرض الأمر الواقع، لأنه قد يؤدى إلى استثناء قطاع غزة خارج السياق الفلسطينى، معتبرة حدوث ترتيبات خارج الساحة الفلسطينية وبعيداً عن إطار المصالحة والاتفاق ينطوى على خطورة كبيرة على مستقبل المفاوضات والقضية الفلسطينية برمتها.
وفى المقابل، فإن هناك حالة حراك تشهدها السلطة الفلسطينية نحو الجولة القادمة للحوار، وتدور تحديداً لكى تصل إلى الانتخابات.
إلا أن يوم 25 من يناير 2010 لن يكون الجدل فيه مقتصراً على الفلسطينيين وحدهم، بحيث يتشبثون بمواقفهم السابقة، ويظلون فى حالة جمود إلى ما لا نهاية، بل سيكون طرفاً فى هذا الجدل أطراف إقليمية ودولية، لأنه سيكون حول موضوع رئيسى هو الشرعية الفلسطينية.
لذا وبحكم الصفة التى يحملها الرئيس عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطينى، ورأس الشرعية الفلسطينية، فإنه يتوجب عليه أن تجرى الانتخابات، خاصة أن هاجس الشرعية هو المحرك الرئيسى للجهد الذى يبذله الرئيس عباس هذه الأيام.
ويرى المراقبون أن مسارعة أبومازن لإنقاذ موضوع النصاب فى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بانعقاد جلسة طارئة للمجلس الوطنى «البرلمان» وانتخاب ستة أعضاء جدد،
وبالتالى فإن منظمة التحرير الفلسطينية اكتملت شرعيتها، ولجنتها التنفيذية وشرعيتها قائمة، ومن هنا فإن ما يتعلق بالموضوعات الأخرى مثل استيعاب أطراف جدد،
كما تطالب حماس، أو التفعيل، أو برامج الإصلاح المطروحة، فهى تأتى ثانياً لأنها تصبح دون قيمة لو أن المنظمة فقدت شرعيتها، كما أن نفس الهاجس هو المسيطر اليوم بشأن السلطة الفلسطينية عبر الإطارين الشرعيين الرئيسيين، وهما الرئاسة وما تمثل، والمجلس التشريعى وما يمثل.