كم غندور مصرى فى طريقه إلى داعش؟

حمدي رزق السبت 21-02-2015 21:19

هاشتاج «# هانضم_لداعش» مكسر الدنيا على تويتر، سخرية وتهريج بلغت حدود العبث، لكنه للأسف هاشتاج أصاب كبد الحقيقة، ذهب إسلام يكن وفى ديله محمود الغندور، كم غندور مصرى فى طريقه الى داعش؟

الغندور على «الفيس» نموذج للأسف ومثال فاضح، يقول: «بالنسبة للناس اللى قالت عليا أنت كنت ملحد وخارب الدنيا وبتاع راب وحاجات كتير كده! هو أنا آه فى الجاهلية كنت ضايع بس مش بالأفورة اللى اتقالت دى».

أمام فسفسة الغندور لابد من التوقف أمام جيل مغترب بين ظهرانينا ونحن عنهم غافلون أو نرميهم فى السجون فيكفرون بنا، ويتمنون زوالنا، يخلفون حيواتهم وراء ظهورهم، يلقون بشبابهم فى التهلكة، وهم قانعون بحشية خشنة فى صحراء موحشة.. مع داعش ذلك أفضل جداً.

ونتبين التحولات النفساوية التى يمر بها جيل رافض، ناقم، غير متحقق، مطارد فى حلمه، عالق فى قفص من حديد صدئ، يحرسه سجان من عصور خلت، لا يرى فى نهاية النفق ضوءاً، فينسلّ من بين الصفوف لا يلوى على شىء، لا يسعهم براح الوطن.

أقرب الشباب إلى داعش هم اللى خاربين الدنيا فراغاً، معذبون بحلمهم، ولا أمل، ولا فكرة، ولا مشروع، ولا موطئ قدم فى زحام موحش، كل هذا العالم من حولى لا أحد، يملأ الغندور فراغ كأسه بالفراغ، ويدور فى حلقات مفرغة، كل حلقة تسلمه إلى حلقة مفرغة، ينام فارغاً ويصحو فارغاً، وكلما عب من الفراغ ازداد فراغاً.

الغندور للأسف ليس استثناءً، بريق سيوف داعش يبرق فى الأعين الفارغة من كل وميض، يشع فى النفوس الجرداء من كل يقين، يستلب العقول المتصحرة من كل فكر، يفرون من رمضاء الوطن إلى نار داعش، وقودها الناس والحجارة.

عندما لا يعتبر الوطن لفكرة، ولا يحتمل تمرداً، وتشيع فيه الفاشية محلاة بالوطنية، مطرزة بأبيات شعر غبية، وموسيقى جنائزية، وطن يكذب عليهم ويتجمل، يُنحرون على صخور مسنونة، تنهش حلمهم فى ليلهم، وما الإصباح منك بأمثل.

الغندور على صفحته الفيسبوكية ليس من مواليد مدن الصفيح الفارغة من كل قيمة، ولا خرج بحلم ميت من مدن الموت، شاب ميسور، خرب الدنيا، رقص، وتمثيل، ولعب، وحب، أنى له هذا، رشف من كأس الحياة حتى الثمالة، لم تؤرقه ذات يوم فكرة، صار مثل ورقة فى مهب ريح عاصفة، على حسب الريح ما يودى.

ترك نفسه وفتح ذراعيه ساقطاً فى فراغ، رمقته الأعين المدربة وهو يهوى من قمة الجبل صارخاً حلمه، تلقفته الجماعة، صار إذ فجأة فى جماعة، لم تترك الجماعة فرصة سنحت فى لحظة فراغ مواتية، ملأت فراغه، وحشت رأسه، واستلبت حلمه، منحته فكرة موغلة من زمن الخلافة، واستنبتت له حلماً على حد السيف، حلماً وهمياً مخدراً يسرى فى عروقه، يتحدى العالم.

الغندور عاشق الراب، اشتعلت موسيقى نفسه أخيراً، انفتحت شهيته على حلم الاجتياح، صار يملك حلماً، صار جندياً فى جيش الأحلام، صار مواطناً فى إمارة خارج حدود الزمان والمكان، فكرة تجمعه مع قرناء، يتقاسمون الحلم بالتغيير انتحاراً، للأسف نحن من قدمناهم إلى داعش وفى الطريق كثير.