سيطر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» على معظم المباني الحكومية والمؤسسات الإعلامية ومباني الجامعة في مدينة سرت الليبية، لتصبح المستعمرة الثانية للتنظيم في ليبيا بعد درنة.
ونشر «داعش» على مواقع جهادية تابعة له صورًا لعشرات السيارات الرباعية الدفع المسلحة، على متنها ملثمون يرفعون الراية السوداء، تتجول في الشوارع حاملة أسلحة متوسطة ومضادة للطائرات.
سرت المدينة التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ عدد سكانها 58 ألف نسمة، كانت المركز الرئيسي للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حيث تضم قبائل «القذاذفة، العمامرة، ورفلة» أكبر قبائل ليبيا، كما كانت أكبر المدن المؤيدة لنظامه.
تقارير إعلامية ليبية ذكرت أن عددًا من أبناء تلك القبائل انضمت لـ«داعش» الذي أتى من درنة إلى سرت، حيث وجدت القبائل أن التنظيم الإرهابي سيساعدهم في مواجهة اللواء خليفة حفتر، قائد عملية الكرامة، والتي تدعمها دول عربية عدة مثل مصر، والسعودية، والإمارات، وجرى استبدال رايات القذافي الخضراء برايات «داعش» السوداء.
كما انضم الكثير من أعضاء المؤسسات الحكومية في سرت انضموا لتنظيم «داعش» بعد أن وقعوا استمارات يسميها التنظيم «استتابة»، فيما رفض تنظيم «أنصار الشريعة» مبايعة «داعش».
لكن هناك مواجهة داخلية أخرى تريد القبائل فيها مساعدة «داعش»، وهي المواجهة مع الميليشيات المسلحة في مدينة مصراتة، ويتزعمها «الإخوان»، حيث لعبت المدينة دورًا كبيرًا في الإطاحة بنظام «القذافي».
وعقب مقتل «القذافي» وسيطرة المتظاهرين على سرت، ارتكبت ميليشيات مصراتة انتهاكات كببرة، من بينها أعمال إعدام وقتل على الهوية القبلية، ما ذكّر سكانها بالصراع القديم.
خلال فترة الاحتلال الإيطالي لليبيا، كانت مصراتة تطمح لتثبيت سلطتها في الغرب الليبي، فهاجمت «بني وليد» معقل كبرى القبائل الليبية ورفلة، لكن تم هزيمة مصراتة، وجرى قطع رأس قائدها، ومنذ ذلك الحين فالصراع بينهما يخفت ويصحو.
كما رفضت قبيلة «القذاذفة» قبول المصالحة عقب ثورة «17 فبراير»، واشتكت مما وصفته بـ«الانتقام» من أبنائها، مؤكدة أنها موجودة قبل «القذافي»، ولن يتخلوا عن مدينة سرت، وحملت «الإخوان» مسؤولية مقتل «القذافي».
كان أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية الليبية السابق، أعلن في وقت سابق تأييده لتنظيم «داعش»، مؤكدًا أنه كان يجب أن يجرى تأسيسه منذ 50 عامًا، واصفًا الشباب الذي انضم إلى التنظيم بـ«الأنقياء».
وأوضح «قذاف الدم» في حوار تليفزيوني أن سبب تأييده «داعش» فشل الحكومات العربية في طرح مشروع للدفاع عن كرامة الأمة، مشيرًا إلى أن هؤلاء الشباب لم يجدوا أمامهم إلا الهروب إلى الله، واستدعوا الماضى بعد البؤس والهزيمة.
لكن الصحفي الليبي محمود الورفلي، قال لصحيفة «القدس العربي»، إن هناك أنباء عن وجود تفاهمات بين مصراتة وتيارها الإخواني، وبين سرت وقبائلها التي بايعت «داعش» من أجل تجميد أي نزاع بينهما، وتوحيد صفوفهم في المعركة ضد قوات «حفتر».
شهود عيان يعيشون في مدينة سرت قالوا لـ«المصرى اليوم»: «أعداد المسلحين تزداد يومًا بعد الآخر في تلك المدن، والأسلحة تتطور بشكل كبير، منذ عام كان عشرات يسيطرون على المدن، أما الآن فهم آلاف يتحكمون في أي شىء حتى المؤسسات الحكومية والإذاعة والمستشفيات وشركات البترول، بعضهم يسيرون في الشوارع ملثمين، وآخرون يظهرون بشكل واضح، كانوا من قبل عبارة عن عصابات أو مجموعات مسلحة، تعمل كل واحدة على حدة، أما الآن فهو تنظيم بمعنى الكلمة. هناك مركز قيادة، ومجموعات منظمة مسؤولة عن التأمين والإعاشة والتدريب والنقل، وأخرى متخصصة في الإعلام».