بيان «الوايت نايتس» الرهيب الذى نشرته رابطة «وايت نايتس» فى صفحتها على «فيس بوك» بعنوان «سنقرئك فلا تنسى»، لا يمتّ إلى الوايت نايتس بصلة، لا فى لغته ولا لفظه، لفظ قرآنى، أخشى أنه غريب على ثقافة «الوايت نايتس»، لا يختلف فى حرف عن بيانات الجماعات الإرهابية، متى كانت كابوهات «الوايت نايتس» تتعاطى أشرطة أبوبكر البغدادى؟
هذا البيان خطير فى لغته ويؤشر إلى ما نخشى من أنه اختراق إرهابى لهذه الرابطة، هناك من يستخدم لافتة «الوايت نايتس» ليمرّر تهديدات صريحة تتشح بلغة مستمدة من التراث الجهادى، ويروج لعنف رهيب قادم، مستغلاً حزن الشباب الأبيض على فقد إخوتهم أمام استاد الدفاع الجوى.
تخيلوا مثلا «سيد مشاغب» يعنون بيانه بالآية الكريمة «سنقرئك فلا تنسى»، أشك أن «مشاغب» يعرف رقم الآية وفى أى سورة، هى الآية رقم 6 من سورة «الأعلى»، تخيل، محض خيال، أن «مصطفى طبلة»، لا أعرف إن كان هذا لقبه أو موقعه فى الوايت نايتس، يدق الطبلة لتحمية الهتافات، وتعلية الشعارات، وضبط الدخلات، «طبلة» لغته العربية الفصحى تسعفه قولا: «فى ممر الغدر، تعثرت الحياة فى غيومهم، ومُررت سمومهم إلينا، واصطفيتم بأجسادكم الارتقاء من الوحشة».
وسؤال برىء عن ثقافة الثأر عند الكابو العلامة «ياسر بوجو» حتى تؤهله أن يصوغ تهديدا هذا نصه: «من اليوم فلن يهنأ القتلة، ومن يستوحش القادم بعد ما مضى خسيس وليس منا».. أما عن بقية جمل وتراكيب البيان التى هى نموذج فى البيان اللغوى الثأرى، متضمنة صيغا قرآنية، واستعارات مكنية، وتشبيهات، وجناسا ناقصا، وكاملا، بلاغة يعجز عنها الإمام العلامة الحبر البحر الفهامة أحمد شبرا من سكشن شبرا!
نزيدكم من الشعر بيتاً، ونصاً من البيان: «تذكر.. كنت فى الثالثة عشرة عندما مررت للمدرجات.. علمت حينها حب الأبيض، وأن تكون درع الحق.. أخبرناك بمتعة الحياة.. ومن يعارضونها.. بكل طرقاتهم الموحشة.. وسلام النفس فى رفقة الأولاد».
من حرر هذا البيان ليس مكانه أبدا مدرجات استاد القاهرة، مكانه مدرجات كلية دار العلوم، دكتوراه فى اللغة العربية، قسم البلاغة مثلا، يقول نصا: «قد كنا نأمل أن نكون لك الفدا مما ألمّ، فكنت أنت فدانا..».
نظلم صاحب البيان كثيرا بلقب «كابو»، هذا بروفيسور (بروف) فى علوم النحو والصرف والبلاغة.. من يستخدم التضمين القرآنى على نحو «المدرجات لم تعد حِلٌّ لكم، ونحن حِلٌّ بها» وبالتشكيل، هل هذا فعلا «أحمد شبرا» أم سيبويه؟ وعندما يردف: «لك الروح ومتاع الحياة.. لك الثأر فلن نحنى الجباه، أرادوا لك الموت.. فاخترت يا شهيدى الخلود.. ونحن له حافظون.. دون مواربة فى الحق ومهادنة لطاغٍ بائس».
من ذا الذى يختم بيانه بـ: «يا شهيدى، قُضى الأمر الذى فيه يستفتيان، وبماذا تجدى الكلمات والرجاء، فلم يتبقّ من الحلم إلا بقايا طهارة أرواحكم التى كحلها التراب وخضب الدماء».. أشك أنه سيد مشاغب!!