إلى محافظ دمياط الجديد

درية شرف الدين الثلاثاء 10-02-2015 21:35

أبدأ بالتهنئة بتولّى المنصب ودعاء من الدمايطة، وأنا منهم، أن يوفقكم الله سبحانه فى عملكم الجديد، وفى محافظة لا يعرف مواطنوها إلاَّ الابتكار والإنتاج، وهذه ميزة ينبغى استغلالها واستثمارها والبناء عليها. وحتى لا تضيع نقطة البداية التى سيرتضيها الدمايطة وينتظرونها منكم وهى أن تنقذ محافظتهم من انهيار اقتصادى وشيك عبّر عنه أحد المواطنين بقوله: إن لم تتم حمايتنا فقد ننقرض خلال عشر سنوات على الأكثر، وهو يقصد أن تنهار دمياط كأكبر قلعة لصناعة الأخشاب فى مصر وفى منطقة الشرق الأوسط، ضاع منها من قبل أن تظل مركزا لصناعة منتجات الألبان، واندثرت صناعة الجلود وتراجعت كمركز حقيقى لصناعة الغزل والنسيج، وظل تفردها فى صناعة الأخشاب حتى ابتلينا بالسوق المفتوحة على مصراعيها للأثاث الصينى والتركى بشكل خاص والمهرب إلى بلادنا بلا أى شهادة جودة. الأثاث الرخيص والردىء والمصنّع من مخلفات الكتّان والكرتون ومصاصة القصب. لتكن أولويتك سيادة المحافظ مطالبة الحكومة بسرعة التدخل لحماية هذه الصناعة التى يمكنها أن تدر الملايين للدخل القومى المصرى، اطلب حمايتها كبقية دول العالم التى ترعى وتصون قلاعها الصناعية.

اجتمع مع الدمايطة سيادة المحافظ وستعرف منهم الكثير، يملكون أفكارا مبتكرة وتجارب متعددة، وهم أهل مكة الأكثر دراية بشعابها، وشعابها بها ما يقرب من خمسين ألف ورشة ومصنع ومعرض للموبيليا، فى كل شارع وفى كل حارة صنايعية مهرة تراكمت خبراتهم عبر أجيال ممتدة لتهب مصر أبرع من تعامل بفن وعشق مع مادة صماء اسمها الخشب، فحولتها أنامله إلى قطع فنية، سيقولون لك إن شركات أجنبية تشترط استيرادها غير مكتملة التشطيب ليستكملوها فى فرنسا وإيطاليا ويعيدون تصديرها باسمهم إلى كل أوروبا ويأتى منها ما يعرض فى متاجرنا باسمهم هم، سيسألونك:

لماذا لا تقوم الدولة باستيراد الأخشاب بنفسها لصالحها بديلا عن الوسطاء من المستوردين الذين رفعوا الأسعار إلى ما يزيد على ثلاثمائة فى المائة خلال السنوات الأخيرة فقط؟ لماذا لا تتنوع مصادر الاستيراد المصرى ودوله، زمان كانت هناك شركة اسمها الشركة الوطنية لصناعة الأخشاب لماذا لا تعود، ورش الخشب تقوم بتسريح عمالها الآن حيث لا دخل ولا ربح، نفرّط فى ثروة قومية اسمها الأيدى العاملة الماهرة، هذه الأيدى النادرة أصبحت تعانى من البطالة أو تترك المهنة، خسارة والله. نصف مليون عامل ماهر يستحقون أولوية فى التفكير، اكسر يا سيادة المحافظ مافيا استيراد الأخشاب ومافيا تصدير الأثاث، أعد المال لأصحابه والصنايعية لورشهم.

اسأل عن تلك الفكرة العبقرية مكتملة الدراسة لإقامة منطقة حرة تابعة لهيئة الاستثمار بميناء دمياط، لصناعة وتصدير الأثاث، اتفق مع محافظات أخرى لإقامة معارض دائمة للأثاث الدمياطى بها، بأموال الدمايطة وأسهمهم، أقم مصانع لمواد الدهان والتشطيب وإكسسوارات الموبيليا بدلا من استيرادها بالكامل من الخارج.. فى دمياط أو رأس البر افتتح معرضا دوليا دائما للأثاث للمصريين والأجانب، افتتح أسواقا جديدة مع روسيا وبلدان أفريقيا، أعد مصنع الخشب المضغوط للعمل، واجمع له قش الأرز من أنحاء الجمهورية بدلا من السحابات السوداء.

سيادة المحافظ لا تدع قلعة صناعية مصرية تسقط فى وجودك، اجعل من دمياط نموذجا يُحتذى فى الحماية والنهضة.