للوهلة الأولى قد تتصور أنك فى إحدى المدن الروسية فكل شىء حولك روسى، لافتات المحال التجارية والكافيهات والفنادق والبارات والملاهى الليلية، كل شىء روسى حتى الأشخاص المحيطون بك فى الشوارع وفى كل مكان جميعهم من الروس.. حتى المصريون المقيمون هناك يتحدثون الروسية بطلاقة.
بالفعل صار هذا هو حال مدينة الغردقة، التى تعد واحدة من أهم المدن السياحية فى مصر.. يفسر الأهالى والعاملون بمدينة الغردقة سيطرة اللغة الروسية على معالم الحياة فيها، بأنها تقوم بشكل كبير على السياحة القادمة من روسيا، اذ تزيد نسبة السياح الروس بالمدينة على الـ95٪ من إجمالى السياح بالمكان حسب تقديرات الأهالى.
شارع الممشى السياحى، وهو الشارع الذى لا تشعر فيه مطلقاً أنك تعيش فى مصر، حيث تنتشر فيه المحال التجارية التى تحمل لافتات مكتوباً أكثر من 90% منها باللغة الروسية، ويندر وجود المصريين فيه، سوى عدد من العاملين بالكافيهات والفنادق والبارات والملاهى الليلية، وحتى هؤلاء قد تتصور فى بعض الأوقات أنهم غير مصريين، حيث يستخدمون اللغة الروسية حتى فى أحاديثهم الشخصية. هذا فضلاً عن العمالة الروسية التى وصلت حسب تقديرات الأهالى إلى 30% من إجمالى العمال فى المكان.
خالد عبدالتواب، عامل مقهى «32 سنة» يحكى قصته مع المدينة «أعمل هنا منذ أكثر من 10 سنوات، فى ذلك الوقت لم تكن السياحة مزدهرة بهذه الصورة، لكنها مع الوقت أصبحت النشاط الأكثر رواجاً، وأكبر أزمة تواجهنا حالياً أن معظم أصحاب المحال المصريين أصبحوا يعتمدون على العمالة الروسية».
فى شارع الشيراتون، وهو ثانى أكبر شارع سياحى بالمدينة ثمة وجه آخر للمدينة. فالشارع يشبه إلى حد كبير منطقة خان الخليلى والحسين، المثير للدهشة أن هناك عدداً كبيراً من تلك المحال والبازارات يملكها روس، وتشكل العمالة الروسية هناك نسبة كبيرة وملحوظة.
ياسر رؤوف، صاحب أحد البازارات بالشارع يؤكد أن امتلاك الروس للبازارات هناك بدأ يظهر بشكل ملحوظ بداية من منتصف عام 2006، وأخذ عددهم يزيد مع الوقت، ويرجع ياسر هذه الظاهرة إلى نسبة السياح الروس بالمدينة.
ويشير ياسر إلى أن الروس من أصحاب المحال التجارية بالمدينة اتجهوا فى الفترة الأخيرة إلى تغيير نشاطهم من بيع التحف والعطارة إلى بيع المصنوعات القطنية، إذ يؤكد أن هناك إقبالاً شديداً وملحوظاً من قبل السياح الروس تحديداً على شراء المصنوعات التى يستخدم فيها القطن المصرى الخالص مهما ارتفع سعرها. ومن جانبه، يؤكد عمار حسين، أن استثمار الروس لأموالهم فى الغردقة أصبح يؤثر بالسلب على المصريين، خاصة أن عدداً كبيراً منهم تعلم اللغة العربية، ويعيشون فى مناطق شبه شعبية، وأصبحوا يتعاملون كمواطنين مصريين.
ويظهر الوجه الآخر لمدينة الغردقة بوضوح فى شارع شيرى، وهو متفرع من شارع الشيراتون، فعلى بعد خطوات من تقاطع الشارعين، بداخل شارع شيرى يمكنك رؤية «عربة فول» أو أخرى تبيع «الكبدة» وحولها عمال مصريون. فى الغردقة أيضاً يمكنك أن تعود لـ«الهوية» بالتوك توك، الذى يتحرك فى الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع شيرى، لنقل المواطنين عبر الحوارى الجانبية.
أما عن آخر المناطق التجارية بالمدينة فهى «السقالة»، وهى أحد الأماكن القليلة التى تشعرك بطابع المدن الساحلية، فميدان السقالة يشبه إلى حد كبير الميادين الأخرى بالإسكندرية وغيرها من مدن السياحة الداخلية، ويغلب على هذا الشارع الطابع الشعبى، حيث ينتشر به عدد كبير من المقاهى الشعبية، والمطاعم المتخصصة فى بيع المأكولات الشعبية والأسماك.
عصام شعبان، صاحب أحد المحال التجارية بشارع شيرى، يؤكد أن هناك فكرة مغلوطة عن مدينة الغردقة، خاصة فيما يتعلق بالأسعار، حيث يمكن لأى شخص مهما كان مستواه المادى قضاء عطلة صيفية هناك «إللى بيصيف فى شرم الشيخ يقدر ييجى هنا واللى بيصيف فى راس البر وجمصة برضه يقدر ييجى هنا».
ويضيف خالد عبدالظاهر، سمسار، «أى مواطن مصرى يمكن أن يصيف فى الغردقة، حسب مستواه المادى»، مؤكداً أن سعر الغرفة لا يقل عن 300 جنيه لليلة الواحدة فى شارع الممشى، لكن فى الوقت نفسه يمكن أن يقوم المصيف بإيجار شقة فى السقالة أو شيرى بـ100 أو 150 جنيهاً فى الليلة، وإذا كانت قريبة جداً من الشاطئ يمكن أن يرتفع سعرها إلى 200 جنيه، وهى نفس الأسعار التى توجد فى الإسكندرية على سبيل المثال.
ويقول: هناك أيضاً شواطئ خاصة بالفنادق وشواطئ أخرى يمكن أن يدخلها السكان بأسعار رخيصة وفى متناول يد الجميع، وهو الأمر الذى لا يدركه غير المقيمين فى الغردقة، وهناك أيضاً منطقة السقالة وشيرى، حيث يتراوح إيجار شقة من غرفتين ما بين 250 و350 جنيها فى الليلة الواحدة.