شكري بلعيد.. الزعيم والملك (بروفايل)

كتب: رضا غُنيم الجمعة 06-02-2015 13:07

بينما كانت الساعة تُشير إلى الثامنة صباحًا، تقدم أحد المتطرفين نحوه، حيث كان في طريقة إلى السيارة، التي كانت تنتظره أمام مقر سكنه في إحدى ضواحي العاصمة تونس، وأطلق عدة رصاصات استقرت في صدره، ثم هرب بدراجة نارية يقودها شخص ثانٍ.

كان اليساري شكري بلعيد، اسمًا لامعًا ومثيرًا للاحترام، بدأ اسمه يلمع منذ أن ظهر في الحياة السياسية، فهو أحد المتحدثين باسم «الطبقة الكادحة»، ناضل من أجل حصولها على حقوقها، ووقف ضد استبداد الرئيسين الحبيب بورقيبة، وزين العابدين بن على، ولم يُدافع فقط عن أبناء شعبه، بل قاد مسيرات في بلاده تُندد بالحرب الأمريكية على العراق عام 2003.

ها أنت بعد اغتيالك.. صرت الزعيم والملك

والقاتل من خلفك.. يبكي ويلعن قاتلك

(الشاعر التونسي بحري العرفاوي)

«بلعيد» الذي وُلد في 26 نوفمبر 1964، نشأ في حي جبل جلود الشعبي جنوب العاصمة تونس، وآمن بـ«الماركسية» منذ دراسته في الثانوية العامة، وأصبح عضوًا بهيئة القيادة للاتحاد العام للطلبة في الجامعة، وبعد تعثره في الدراسة بكلية العلوم، واصل دراسته الجامعية بالموصل بالعراق، مغيّرًا تخصصه إلى شعبة الحقوق ليلتحق بصفوف «المحاماة التونسية» التي كانت أبرز هيئات المجتمع المدني المناهضة زين العابدين بن علي.

وكان «بلعيد» قريبًا من الأوساط العمالية، وتم اتهامه أكثر من مرة بتدبير اضطرابات مناهضة للحكومة، وشارك في الإطاحة بالرئيس التونسي «بن علي»، حيث كان من ضمن الذين تظاهروا أمام مقر وزارة الداخلية لإسقاط النظام.

عقب سقوط «بن علي»، انضم «بلعيد» إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وعُرف عنه نقده اللاذع لحركة «النهضة» الإخوانية، واتهمها بـ«تغيير مسار الثورة»، كما اتهم في مداخلة تليفزيونية له قبل اغتياله في السادس من فبراير 2013، «النهضة» بالتشريع للاغتيال السياسي بعد ارتفاع اعتداءات رابطات حماية الثورة التي يعتبرها الذراع العسكري للحركة الإخوانية.

لم يكن «بلعيد» مجرد رجل سياسي، بل كان مثقفًا وشاعرًا بارزًا، ما دفع وزارة الثقافة التونسية إلى إطلاق اسمه على «دار الثقافة جبل الجلود» التي عاش فيها طفولته وشبابه، لتصبح «دار الثقافة شكري بلعيد».