الأردن من داعش إلى الفيفا

ياسر أيوب الأربعاء 04-02-2015 21:26

فى اليوم الذى كان فيه العالم كله يتحدث عن جريمة جديدة كبرى وموجعة وجارحة تمثلت فى قيام داعش بحرق الطيار الأردنى معاذ الكساسبة حياً.. ويفيض المشهد الأردنى بالصدمة والغضب ومطالب الثأر والانتقام.. كان الأمير على بن الحسين، الشقيق الأصغر للملك الأردنى عبدالله، يعاود الحديث عن ترشيح نفسه رئيسا للفيفا، مؤكدا نهاية زمن الخوف وزمن أن يبقى الصغار صغارا.. ووفقا للقواعد والحسابات المصرية التقليدية..

فأنت محتمل أن تدين هذه الجريمة وتلعن المجرمين الذى لا يترددون فى حرق الناس أحياء.. لكنك أبدا لن تقبل أى دعاوى لمراجعة النصوص والكتب والمناهج الإسلامية فى الأزهر وخارجه التى لا تختلف، فى كثير منها، عما تمارسه داعش وتدعو إليه.. وغالبا لن يستوقفك أنه لا أحد فى الغرب وقف أو دعا لوقفة يقول فيها «أنا معاذ» مثل الذى جرى حين تم إجبار العالم كله على الوقوف صارخا «أنا شارلى إبدو».. زعماء الغرب فقط، دون أهلهم وإعلامهم، هم الذين أدانوا جريمة داعش لكن لم ينس الرئيس الأمريكى باراك أوباما الدعوة للانتظار للتأكد من صحة فيدو الحرق الذى قام بصناعته إعلام داعش..

لكنك بالتأكيد لن تسعد بخروج الأمير على فى مثل هذه الظروف الصعبة بالغة الحساسية للحديث عن الفيفا وكرة القدم.. واسمح لى بأن أخالفك تماما، ومعارضتك أيضا فى عدم سعادتك أو عدم ارتياحك للحديث عن كرة القدم وسط كل هذا الحزن والصراخ وتلك الدموع والجروح.. فأنا رأيت كلام الأمير على رائعا وجميلا وضروريا، سواء فى مضمونه أو توقيته أيضا.. رأيته دعوة للتحدى الحقيقى لكل هذا الظلام الذى يحاصرنا ويقف قريبا من أبوابنا كلما يريد أن يدخل ويستوطن عقولنا وقلوبنا ومجتمعاتنا.. والذى قام به الأمير على يعنى الكثير جدا ويستحق عليه الشكر والامتنان حتى لو لم يكتمل ولم ينجح الأمير فى انتخابات الفيفا..

فليس هذا هو المهم الآن.. الأهم حاليا، وفى أى وقت، هو ألا تنكسر أمام هذا الظلام أو تستسلم له.. وإذا كانت داعش أحرقت «معاذ» حياً فهى لم ولن تحرق الأردن وأهله وآماله وأيامه.. إذا كانت داعش لا تعرف إلا الدم ولا تعترف بغيره فالأردنيون أيضا يستطيعون إراقة دماء داعش وأنصارها ومن ينتمون لها أو يتعاطفون معها.. وإذا كانت داعش أرادت أن يرتبك الأردنيون ويخافون وتتعطل حياتهم ويستقيلون من أحلامهم فها هو حلم أردنى يرفض الاستسلام والانكسار.. وإذا كانت داعش ترفض كرة القدم وتحاربها فالأمير على الأردنى يريد إدارة كرة القدم فى العالم.. وقال أمس الأول للجميع إنه ليس أوروبيا، وليس ذلك ضروريا ليحلم بهذا المنصب.. قال لهم أيضا إن عروبته لن تمنعه من المطالبة بشفافية التحقيقات فى قضية إسناد المونديال لقطر وضرورة مراجعة كل التفاصيل بوضوح وأمام الجميع دون خوف أو مجاملة.