أكدت دار الافتاء أن المرجعية الفكرية التي يستند إليها تنظيم «داعش» في الذبح، ترجع إلى الخوارج، أول من ابتدع هذه الفعلة الشنيعة في الإسلام، واصفة ذلك بالكارثة الكبرى والتي تكمن في محاولات هذا التنظيم الإرهابي إيجاد مبررات من الدين لشرعنة هذه الانتهاكات، وأكدت أن ذلك لا يمت للإسلام بأدنى صلة.
واستعرض أحدث تقرير لمرصد التكفير، التابع لدار الإفتاء، الأسباب التي تدفع «داعش» لانتهاج عقيدة الذبح، وهي إشباع سادية القائمين على التنظيم الذين أدمنوا رؤية الدماء، فأصبحت رؤية الرؤوس المقطوعة عامل نشوة لهم، مثل مدمني المخدرات، ومن ثم التأثير على الأهالي حتى يأتمروا بأمرهم وينضووا تحت سلطانهم، بالإضافة إلى رفع معنويات المقاتلين في صفوف التنظيم بإظهار قوته وجبروته، وإيصال رسالة لأعداء التنظيم بأن هذه هي نهاية من يعاديهم، وأن قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث جزاء من يحاربهم، فضلا عن شن حرب أعصاب باستخدام وسائل الإعلام المختلفة حتى يصل الخبر بكل مقوماته العنيفة لجميع أنحاء العالم.
وأوضح التقرير أن التنظيم يعتمد في رؤيته القتالية على عدد من الأحاديث والروايات التي يسيء تأويلها وتفسيرها، لتتوافق مع سياسته الإجرامية في القتال والحرب، ويبرر بها شرعيته وادعاءاته التي يزعم من خلالها زورا وبهتانا تأسيس الخلافة الإسلامية في الأرض، كما يبرر بها ما يرتكبه من فظائع وجرائم في حق الإنسانية.
وكشف التقرير أن «داعش» أصدر فتوى تبيح لمقاتلي التنظيم ذبح كل من يخالفهم، حيث نصت الفتوى على أن «الذبح فريضة إسلامية غائبة»، مضيفا أن التنظيم استدل بعبارة من حديث نبوي شهير: «جئتكم بالذبح»، دون الوقوف على مدلولاته وسياقه.
وفند التقرير تأويلات تنظيم «داعش» والأحاديث التي يسيقها خطأ في ذلك، مبينا أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسولَه بالهدى والعدل والرحمة، فكان مما شرعه أن جاء بتشريعات واضحة توجب التعامل مع الأسرى بالعدل والإحسان، وبما يتناسب مع إنسانيتهم واحترام آدميتهم، من تقديم المأوى والطعام المناسب، والرفق بهم وعدم تعذيبهم وإيذائهم.
وأشار إلى ان هذا كله كان في حال الحرب التي تدور بين المسلمين وعدوهم للدفاع عن دينهم ووطنهم، أما في حالتنا الآن فلا ينطبق عليها وصف الحرب، بل توصف بالجريمة بكل معنى الكلمة، ذلك أنهم إنما يقتلون ويذبحون ويهجرون أناسا آمنين في أوطانهم، مسلمين وغير مسلمين، ولم يشرع الإسلام قط قتل هؤلاء.
وأضاف التقرير أن التنظيم ارتكب جرما كبيرا في حق الكلام النبوي، حيث انتزعوا عبارات من الحديث الشريف، كما زعمت التنظيمات الإرهابية أن النبي (ص) جعل الذبح والقتل شعارا لهذا الدين، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من هذا الفهم المنحرف، وسوغوا به لأنفسهم قطع الرقاب، وذبح الآدميين بصورة مفعمة بالبطش والفتك، لا يرضاها ولا يقرها دين الله.
وأكد التقرير أنه لم يرد نص شرعي صحيح صريح يدل على جواز ذبح العدو حيا، فضلا عن أن يكون سنة نبوية متبعة، وأن النصوص وردت بالتفريق بين القتل والذبح، وجعلت الذبح خاصا بالبهائم والطيور للتذكية.
واعتبر التقرير أن نشر هذه الأفعال الشنيعة في وسائل الإعلام المختلفة جرم مركب، موضحا أن النبي (ص)، كان يراعي في تصرفاته الناحية الإعلامية، فامتنع عن قتل بعض المنافقين حتى «لا يتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه».