مضت الدراسات الأساسية للكتاب فى تطبيق واقع «الظاهرة الإسلامية بفرنسا» على واقع «الأقلية المسلمة فى سويسرا»، مستعينة على وجه الخصوص بالأطروحات المنهجية للباحثين الفرنسيين من قبيل المختص فى الإسلاميات الفرنسى «أوليفى روا»، والمتخصص فى تنظيم القاعدة «جون بير فيليو»، والباحث «إريك بيسون»، واستشهدت هذه الدراسات كذلك بالفاعلين والنشطاء الفرنسيين فى الضواحى الفرنسية، الأمر الذى يثير التساؤل حول الواقع المختلف «الديمغرافى والاجتماعى والأصول العرقية» بين الجاليتين.
وحينما أجرى الكاتبان «باتريك هانى» و«ستيفان لاتيون» استطلاعا للرأى حول المبادرة التى أثارت تلك الأزمة كما يذكران فى مقالهما «المبادرة؟ خطوة أولى نحو الأسوأ»: المواطن السويسرى «آندر ديمرتاس»، من أصل تركى، مسلم، ملتزم دينيا، رجل أعمال فى أول ردة فعل له على ما يثار حاليا تجاه دور العبادة الإسلامية فى الشارع السويسرى قال "المبادرة لا تشكل حدثا، بل هى تحرك متوقع من الاتحاد الديمقراطى للوسط، وليست هى المرة الأولى التى يتحرك فيها الحزب ضد المهاجرين بشكل عام والمسلمين بشكل خاص".
ويخشى «أندر» أن تشكل حافزا لما سيحدث لاحقاً، ذلك أنه يعتبر حسب الكاتبين ـ"المبادرة لا يجب أن تشكل فخا، فالموضوع أكبر من مجرد مسألة تتعلق بالعمارة بحيث إن أصحابها يستخدمون المبادرة والمآذن ليتناولوا قضايا ذات صلة بالإسلاموفوبيا، والهجوم على الإسلام، والإصرار على أنه لا يتوافق مع المجتمعات الغربية".
يقدم كل من «باتريك هانى» و«سمير أمغار» بين دفتى الكتاب مقالة بعنوان «فتح الغرب لن يحدث.. تأملات اجتماعية لتوسعية الإسلام» ويرى المؤلفان أن أصحاب «مبادرة منع بناء المآذن فى سويسرا» لديهم إحساس بأن هناك مشروعاً للهيمنة السياسية داخل الأيديولوجية الإسلامية، كما أن هناك خطاباً إسلامياً سائداً متشبثا بالدين والدعوة، لكن خلف هذا كله يبدو الواقع أكثر تعقيداً فرغم أن هناك إسلاميين فى الغرب، ولديهم بالفعل «مشاريع» للنفوذ - وحتى التوسع، فإنهم لن ينجحوا بسبب غياب هدفهم التقليدى فى بناء الدولة الإسلامية فهم يتحولون حسب المؤلفين- إلى أعيان أو إلى الوعظ الدينى الذى أصبح اليوم حكراً، يشغله أصوليون يقعون خارج الدائرة السياسية مثل «التيار السلفى أو حركة التبليغ والدعوة».
ورغم تشددهم الفعلى فإنهم يفعلون ذلك وفق مسار انغلاق على الذات، كما أنه يلاحظ أن الديناميكيات الاجتماعية تسجل تراجعاً ونمواً واضحاً لتدين يتجه أكثر فأكثر نحو الفردانية.
ويضيف المؤلفان: هناك تياران رئيسيان معروفان فى الإسلام السياسى حاولا بشدة تسييس الهوية الإسلامية فى الغرب عبر مسار معارض وهما: الإخوان المسلمون، وحركة الرأى الوطنى «ميلى قوروش» التركية بفضل ما يحملونه من خيال عالمى بوصف الإسلام دينا علميا وتوسعياً، هدف أستاذية العالم كما ورد لدى الشيخ حسن البنا مؤسس الإخوان.
وبالرغم من ذلك كما يشير المؤلفان فإن الغرب لم يشكل لديهم فى الواقع هدفاً استراتيجياً واضحاً، وهم حضروا إلى الغرب ليس بهدف التوسع إنما بعد تعرضهم للقمع السياسى فى بلدانهم الأصلية، لقد جاءوا بحثاً عن قاعدة خلفية وهذا حال «سعيد رمضان» والد «طارق رمضان».
وبسبب الأقلية المسلمة فى الغرب كما يوضح الكاتبان - وجد الإخوان أنفسهم فى معضلة، لأن الغرب ليست فيه إمكانية لبناء دولة إسلامية أو مشروع سياسى متكامل، لذا لم يتبق أمامهم سوى ما نسميه «الإسلام السياسى للأقلية» ذلك المنهج الذى يتسم إما بالوعظ الدينى أو التحول إلى أعيان بالقيام بدور الوسيط بين السلطة والسكان المسلمين فى بلاد الغرب، الأمر الذى يؤدى إلى قيام علاقات زبائنية بينهم والدول الغربية، كما يدفعهم إلى ترك قضاياهم الكبرى، والتراجع عن التعبئة وراء الأسئلة المحرجة فى الغرب مثل قضية «الحجاب فى فرنسا» أو قضية «فلسطين»، بل قد يصبحوا محل نقد بسبب تحولهم إلى برجوازيين، أو تنازلاتهم التى تدفع الشباب المسلم إلى التفرق من حولهم.