لماذا «صالح» الزمالك الجماعة الإرهابية؟

أسامة خليل الخميس 29-01-2015 21:20

رغم سخونة الأحداث منذ ٢٥ يناير، وإصرار فئة بعينها على إعادتنا لأيام الرعب والفوضى والموت والرصاص والدم والكآبة، وإثارة الهرج والمرج، وتغليب العنف على العقل، ومصالح جماعة أو تيار على مصلحة شعب يريد أن يلتقط أنفاسه كى يقيم التجربة، ويحاسب من حمّله المسؤولية، شهد هذا الأسبوع، وقت تصاعد الأحداث المفتعلة فى بعض المناطق والأحياء، حدثاً مهماً جاء على غير المتوقع، وهو دخول جماهير الزمالك، وفى مقدمتها الـ«وايت نايتس»، استاد حلمى زامور، بناءً على دعوة من رئيس النادى، لمؤازرة فريق الكرة قبل لقائه المهم أمام الأهلى، وهى دعوة جاءت على عكس سياسة النادى ورئيسه تجاه جماهيره أو مشجعى الـ«وايت نايتس»، فقد سبق أن تقدم ببلاغات ضد بعض أعضائها، وطلب من الدولة أن تدرجها كـ«جماعة إرهابية»، وعندما رفضت لجأ إلى القضاء الإدارى الذى أصدر حكمه هذا الأسبوع بعدم اختصاصه بنظر الدعوى.

وهنا أريد أن أسجل أشياء بعضها إيجابى، والآخر سلبى.

أولاً: دخلت الجماهير، وخرجت من استاد زامور فى هدوء، ولم ترتكب أى حوادث عنف أو شغب، بما يعنى أن التحاور معها والتركيز على تشجيع الكرة أمر ليس مستحيلاً، وحتى فى ظل المعركة التى افتعلها معهم رئيس النادى، وتقديمه بلاغات ضد بعض المشجعين استجابة للحوار الذى أداره معهم اثنان من أعضاء مجلس الإدارة، ونجحوا فى استيعاب غضبهم وإزالة بعض النقاط الخلافية، ذهب الشباب إلى الملعب، وشجعوا لاعبيهم وفريقهم.

ثانياً: كعادة التجمعات والحشود الكبيرة، لم تفلح السيطرة الكاملة عليهم، وخرجت هتافات تهاجم الشرطة، وتسب النادى المنافس بألفاظ غير لائقة، ولم يفلح رئيس النادى، أو أعضاء مجلسه فى إيقاف الهتافات، وهنا لا ألومهم، أو أحمّلهم المسؤولية عن تلك الهتافات، لكن فى واقعة مماثلة، وعندما هتف مشجعو الألتراس داخل استاد مختار التيتش، ضد نادى الزمالك ورموزه والداخلية، خرج رئيس الزمالك واتهم مجلس إدارة الأهلى ورئيسه برعاية الإرهابين، والتحريض على العنف، وطالب الدولة بمعاقبتهم على موقفهم المتخاذل مع جماهيرهم، ومن قبيل المعاملة بالمثل، أو بنفس المنطق الذى أقره رئيس الزمالك على الغير، عليه أن يكون شجاعًا، ويوجّه لنفسه التهمة ذاتها، ويطلب من الدولة أن تعاقبه لأنه سمح للجماهير داخل ناديه بالإساءة لمؤسسة الشرطة وللنادى المنافس. فهل يفعلها، ويضرب مثالاً فى تحمل المسؤولية، أم أنه سيظل على موقفه من اتهام الآخرين بما لم يرتكبوه، ويبرئ نفسه مما يرتكبه من أخطاء؟ وللدقة والموضوعية أشير إلى أن الرجل غادر الملعب، عندما بدأت هذه الهتافات.

ثالثاً: من المهم الإشارة إلى أن دعوة جماهير الـ«وايت نايتس» لدخول النادى اعتراف صريح من إدارة الزمالك بخطئها فى اعتبارهم جماعة إرهابية، وهو ما سبق أن أكدت عليه أنا وغيرى من أن وجود بعض العناصر المشاغبة أو التى تخلط السياسة بالرياضة، وتستغل التجمعات الجماهيرية لتحويلها لمظاهرات سياسية لا يعنى بالضرورة أن الـ«وايت نايتس»، أو «الألتراس» كلها مجموعات مشاغبة أو مسيسة، وأن الحوار معها وإزالة رواسب العداء القديم بينها والشرطة أمر يحتاج إلى أفق واسع من مسؤولى الأندية لاستيعاب شبابها وكسر هذا الحاجز الغبى الذى بنى بين الشباب والدولة قبل ثورة ٢٥ يناير، حيث كان القمع الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه التجمعات الشبابية الكروية، أما الآن، وبعد أن تغير النظام، بات علينا جميعاً أن نشارك فى صياغة الأسلوب الأمثل لتعامل مؤسسات الدولة معهم، فالبناء لن يأتى بفرض وجهة نظر طرف على آخر، بل بالحوار والتفاهم المشترك، وظنى أنه لو توفرت فى الأندية الجماهيرية مجالس واعية، فعليها أن تضع ملامح النظام الجديد فى التعامل مع الجماهير، وألا تترك شبابها من المشجعين بحماسهم الزائد، وغضبهم فى بعض الأحيان، وعنفهم فى أحيان أخرى، فى مواجهة أجهزة الأمن، التى تسعى هى الأخرى لفرض سيطرتها بالقبضة الحديدية، فيزيد الأمر اشتعالاً، ونخسر جميعاً معركتنا نحو بناء دولة يسودها العدل والمساواة.

وهكذا، فالقضية لم تعد قضية شباب الألتراس، بل قضيتنا جميعاً صياغة المستقبل.

من هنا، ورغم اختلافى جملة وتفصيلاً مع رئيس نادى الزمالك، فإن عودته إلى الصواب واعترافه بالـ«وايت نايتس»، والتحاور معهم، وفتح الملعب لاستقبالهم وإسقاط لغة التخوين والإرهاب من قاموسه- أمر طيب أتمنى أن يستمر، وأن يكون لديه من رحابة الصدر للاعتراف بخطئه فى قضايا ومواقف كثيرة أفقدت الجماهير حماسها نحو ناديها.

■ ■ ■

أفلح عصام عبدالفتاح إن صدق فى استقالته من لجنة الحكام، لو فعلها فهذا تصويب فى محله وتوقيته، لخطأ فظيع من ضمن أخطاء أفظع ارتكبها اتحاد الكرة، بإدارة أعضائه للجان داخل الاتحاد، والصحيح أن تدار بأفراد مستقلين من خارج المجلس، حتى يمكن تقييم أدائهم ومحاسبتهم وتغييرهم إذا لم يحققوا الهدف، ويرتقوا بمستوى التحكيم، أما أن يكون المسؤول هو نفسه المتهم والقاضى، فهذا ما أوقعنا فى الأزمة التى وصلت ذروتها بطلب الأهلى حكاما أجانب لكل مبارياته، وهو طلب رغم استحالته فإنه يعبر عن واقع الأزمة التى اشتكى منها الزمالك وباقى الأندية.

وبمناسبة الزمالك، أرجو من مسؤوليه أن يحترموا عقولنا.

فبعد أن اشتكى رسمياً من التحكيم، وطلب حكاما أجانب لمباراة القمة، عاد، وسحب كلامه عندما علم بشكوى الأهلى، وأعلن تجديد الثقة بالحكام المصريين، على اعتبار أن هذا الموقف «سيحنن» قلب الحكام عليهم، متناسياً أن قلوب الحكام تحنو على الجميع.

ولكن سوء مستواهم يطغى على حنانهم.