أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وسعت كل الملل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات، مضيفا، «إننا كمسلمين نرى أنفسنا أناسًا استوعبوا تعددية الحضارات، وضممناها لحياتنا الثقافية والفكرية وأفدنا منها جميعاً كما أضفنا إليها».
وأضاف «المفتي»، في كلمته أمام القيادات الدينية وصناع القرار السياسي والسفراء وأساتذة الجامعات وممثلي المجتمع المدني والإعلاميين في سنغافورة، الأربعاء، أن الإسلام أرسى قواعد وأسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يصبح المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، بما يضمن تفاعلهم مع الآخر وتواصلهم معه دون تفريط في الثوابت الإسلامية.
وأكد المفتي أن العالم أحوج ما يكون إلى منتديات تعين على حوارٍ حقيقي نابع من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، موضحا أنه الحوار الذي يظل محترمًا ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر، والحوار القائم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي.
وشدد المفتي، في كلمته، أن التصرفات الهوجاء بحق الإسلام والمسلمين وعدم الرغبة في فهمهم لا تعوق فقط الجهود الرامية إلى إجراء حوار حقيقي، بل إنها تقتلها في مهدها أصلاً، مؤكدا أنه لا ينبغي أن يكون الحوار بين الأديان مقصورًا على النخب الأكاديمية التخصصية فحسب، لأن الحوار على هذا النحو سيكون غير ذي جدوى، وربما كانت له آثار عكسية، موضحا أن الغاية الأسمى من الحوار هي بناء جسور التفاهم بين الشعوب ذوي الحضارات المختلفة، ومن ثم فلابد من ممارسة الحوار وتطبيقه لا أن يظل حبيس الجدران في القاعات والمؤتمرات.
وتابع: أن «الأزهر الشريف وعلماءه لهم مكانة عظيمة في نفوس مسلمي العالم، مما أهله ليكون قوة ناعمة ومؤثرة في كل الدول الأفريقية والعربية والآسيوية والإسلامية التي جاء أبناؤها للدراسة في الأزهر طلابًا للعلم، وعادوا إلى بلادهم مفتين وعلماء دين ووزراء ورؤساء حكومات لا تكاد تخلو منهم دولة».
وقال المفتي: إن «محللين من خارج العالم الإسلامي قد نظر إلى أعمال فئة قليلة لكنها عالية الصوت مثيرة للقلاقل في العالم الإسلامي، نظروا إلى هؤلاء واعتبروهم ممثلين لمعتقدات أغلبية المسلمين، زاعمين أن الإسلام دين أساسه العنف، وانتقد المفتي وسائل الإعلام الغربية متهما إياها أنها ساهمت في تأكيد هذه الصور النمطية من خلال تناولها للأخبار المتعلقة بالعالم الإسلامي».
وأوضح المفتي أن مصدر التبرير المزعوم لكثير من مظاهر التطرف والعنف السياسي في العالم الإسلامي وخارجه مرده إلى مأساة فلسطين التي لم تُحل منذ 65 عاماً، مشددًا أننا نحتاج لفهم أعمق لهذا الوضع المعقد حتى نضع حدًا لهذه المأساة.
وأشار المفتي إلى أن مصر سارعت لتلبية نداء السلام منذ 35 عامًا، ولكننا لم نصل إلى السلام الحقيقي للفلسطينيين حتى يومنا هذا.