سألنى الدكتور حسن مصطفى- رئيس الاتحاد الدولى لكرة اليد: كم تتوقع أن يكون عدد لاعبى هذه الكرة فى ألمانيا؟! قلت: لا أعرف، لكن ما أعرفه أن الألمان الذين هزموا البرازيل بسبعة أهداف مقابل هدف برازيلى يتيم، فى كأس العالم لكرة القدم، قبل عدة أشهر من الآن، يمكن أن يكونوا ملوكاً فى اليد، بمثل ما أنهم ملوك فى القدم أيضاً!.. إن نادى بايرن ميونخ مثلاً من أقوى أندية كرة القدم فى أوروبا كلها، بل ربما يكون أقواها، ولابد أن لاعبى أى فريق أوروبى أو غير أوروبى يتحسسون أقدامهم، قبل أى لقاء يكون مرتقباً لهم مع بايرن!.
عاد الدكتور حسن يسألنى: كم تتوقع العدد؟! قل أى رقم؟!.. وحين رحت أفكر فى الموضوع، بينى وبين نفسى، لثوان عدة، فاجأنى هو فقال: مليون و200 ألف لاعب كرة يد فى ألمانيا!
ولم أستغرب الرقم، خصوصاً أن الاسم الذى اشتهرت به منتخبات الألمان، فى أى ملعب، أو فى أى بطولة، هو الماكينات.. بما يشير لك بمعنى من المعانى إلى أن منتخبهم، حين يكون على موعد مع أى منتخب آخر، على أى أرض، فإنه يتحول إلى ماكينة جاهزة لابتلاع وطحن أى منافس، ما لم يكن هذا المنافس على مستوى يؤهله للقاء من هذا النوع!
فإذا أضفت من جانبى إلى معلومات من لا يعرف أن أهداف الفريق الألمانى، فى مرمى البرازيل فى كأس العالم، كان من الممكن أن تتضاعف، وأن تصل ربما إلى 14 هدفاً، أدركت أنت مدى استعداد الألمان كروياً لأى لقاء يكون عليهم أن يذهبوا إليه!
وقتها، أقصد وقت كأس العالم فى كرة القدم، قيل فى الكواليس، ومن وراء الستار، إن المنتخب الألمانى اتفق فيما بينه وبين نفسه، خلال الاستراحة التى جاءت فى منتصف المباراة على ألا تزيد الأهداف من جانبهم، فى مرمى الفريق البرازيلى، على ستة أو سبعة أهداف حتى لا يؤدى ذلك إلى كارثة بين الجمهور البرازيلى المشجع الذى كانت المباراة تجرى على أرضه، وقد كانت تلك هى المفارقة المدهشة والمزعجة معاً.
وهى مدهشة ومزعجة؛ لأن المعروف كروياً أن الأرض تلعب مع أصحابها دائماً، وأن المنتخب المصرى، مثلاً، حين يلعب على أرضه تظل عنده قوة مضافة، لأن الملعب، كملعب، هو ملعبه، ولأن الأرض، كأرض، هى أرضه، وهكذا الحال مع أى فريق أو منتخب آخر.. وتظل الأرض، بالمناسبة تلعب مع أصحابها، فى أوقات الحروب أيضاً، فالجيش الذى يحارب فوق أرضه، يستمد منها عزيمة لا تتوافر، إذا ما كان يقاتل فوق أرض، غير أرض بلاده.. وهكذا.. وهكذا!
لك إذن أن تتصور نتيجة المباراة بين الألمان والبرازيليين، لو كانت المباراة تجرى فوق أرض أخرى، خارج البرازيل!
كان الحوار بينى وبين الدكتور حسن يدور قبل ساعات من لقاء المنتخب المصرى مع المنتخب الألمانى، فى نهائيات كأس العالم لكرة اليد، التى تجرى حالياً فى الدوحة، وكان منتخبنا يتأهب ويستعد، ولماذا لا يفعل ذلك، وهو قادم إلى لقاء مع الماكينات؟!
وكان الدكتور حسن، ومازال، وجهاً يشرف بلاده فى أى محفل رياضى دولى، وقد رأيت بنفسى قبل نحو عامين، وكانت المناسبة اجتماعاً رياضياً دولياً فى الدوحة أيضاً، كيف أنه كان يشار إليه، طوال الوقت، بإعجاب وتقدير من جانب رجال لعبة كرة اليد، الذين كانوا قد جاءوا من عواصم العالم كلها.
ما أسعد المرء حين يرى مصرياً فى موقع دولى يليق به، ويليق بنا.