جمال الثورة

جمال الجمل الجمعة 23-01-2015 14:24

كنت قد وعدت بدق أول خيمة في ميدان التحرير ليلة الذكرة الرابعة لثورة يناير، أي مساء غد السبت، وذلك احتجاجا على بشائر الاتجاه الذي أسفر عن نفسه بعد حكم براءة مبارك، وكتبت مطالبا رؤوس الحكم بضرورة توضيح انحيازهم لأي طرف، وصرح الرئيس السيسي في عدة مناسبات تصريحات طيبة عن استحالة عودة مصر للوراء، كما تحدث علنا عن فساد نظام مبارك، مجددا تصريحات شهيرة له بأن نظام مبارك كان يجب أن ينتهي قبل 15 عاما من ثورة يناير، وتكررت انتقاداته للتجريف والتخريب الذي تعرضت له مصر طوال عقود.
كلام جميل، كان كفيلا بتهدئة النفوس، وصرف النظر عن مغامرة دق الخيمة في ظرف صعب لم أكن أهدد به على سبيل الشهرة والمزايدة، ولم تكن أوضاع البلد تتحمله حسب (قناعاتي)، لكن السلطة لا تهتم براحتنا، فهي تجتهد لتعكنن علينا أيامنا وليالينا، وتسرق حتى وهم الفرحة من النفوس والعيون، ففي الوقت الذي نستعد فيه للاحتفال بذكرة ثورة يناير، متمسكين بالحد الأدني الذي تحقق من مكتسبات الثورة، قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل جمال وعلاء مبارك، ليحصل النجلان على تاج الحرية في ذكرى الثورة التي حصلت على وقودها من غابة الفساد التي غرسها الثنائي الخطير، وهي الغابة التي صارت مأوى ومرتعا لوحوش مفترسة سعت بكل عنجهية وصلف لتنصيب جمال ملكا للغابة، وبادرت بوضع سيناريو توريث السلطة في حياة الملك العجوز.
هل من الحكمة أن يخرج جمال وعلاء في هذا التوقيت؟
سألني مواطن برىء يشعر بالغيظ الشديد من هذه العبثية، فقلت له مخففا من غضبه: يا سيدي أنت تتحدث عن الحكمة، وكأنك تقر بأن هناك من يوجه القضاء حسب خطة موضوعة سلفا.
قال: طبعا القضاء موجه ومسيس.
قلت: يا ريت
قال: يا ريت ازاي
قلت: لو كان موجها، كان الحكيم الذي تسأل عنه قد ظهر، وقال يا جماعة مش وقته، استنوا لبعد الثورة، وبعد الانتخابات البرلمانية كمان، لكن لم يكن هناك حكيما ولا عاقلا يرى في الأمر قلة ذوق وقلة عقل، وإلقاء للبنزين على النار.
قال: هل تدافع عن القضاء، وتنفي أنه غير موجه.
قلت: لا أدافع ولا أنفي، فمصر صارت "بزرميط"، تجمع كل شىء، قضاء نزيه وقضاء موجه، وقضاء وقدر، كله يعزف بلا نوتة، ولا لحن، النشاز هو الحالة التي تملأ المسرح.
يؤسفني أن أعترف لكم بضعفي وعجزي وقلة حيلتي، ويؤسفني أن أعلن اعتزالي في بيتي، بلا أي رغبة في دق خيمتي، أو العبور قرب ميدان التحرير بأي شكل، ويسعدني أن أتنازل عن حريتي لجمال مبارك.. جمال الثورة، فمرحبا بك يا جيمي بطلا مناضلا في بلد لم يستطع معقابتك على ما أفسدته
ودمتم.





جمال الجمل
tamahi@hotmail.com