السيسي و«25 يناير».. ثورة ولكن... (تقرير)

كتب: رضا غُنيم الثلاثاء 20-01-2015 19:46

غضب بين القوى السياسية لإقصائها عن المشاركة في الحكم، تزايد معدلات الانتحار هربًا من الفقر والبطالة، غليان في الشارع بسبب ارتفاع الأسعار، جمال مبارك على بعد خطوة واحدة من قمة السلطة، والمؤسسة العسكرية تراقب عن كثب «مشروع التوريث».

في هذه الأجواء المشتعلة، عُين اللواء عبد الفتاح السيسي، مديرًا للمخابرات الحربية، وتحديدًا في 3 يناير عام 2010، خلفًا للواء مراد موافي الذي شغل المنصب في 21 مارس عام 2004.

الأجواء تزداد سخونة، الانتخابات البرلمانية تم تزويرها، المعارضة تُصعد ضد النظام الحاكم، هتاف «يسقط يسقط حسني مبارك» ينتقل إلى مختلف الطبقات، ولم يعد مقصورًا على حركة «كفاية» أو الجمعية الوطنية للتغيير، وكان السؤال الذي شغل بال الكثيرين.. ماذا عن موقف الجيش؟!.

التنبؤ بانتفاضة الشعب

بحسب صحيفة «ديلي تليجراف» البريطانية، اللواء «السيسي»، أعد دراسة أواخر عام 2010 عن مستقبل مصر السياسي، وأكد فيها اعتزام الرئيس الأسبق حسني مبارك تمرير الحكم لنجله «جمال»، وهو الأمر الذي قد يُسبب اضطرابات شعبية، وأوصى في نهاية الدراسة الجيش بأن يكون على استعداد للتحرك لضمان الاستقرار والحفاظ على الدور المركزي الخاص به في الدولة.

تسارع وتيرة الأحداث، واندلاع ثورة 25 يناير، منعت الجيش من التدخل لإجهاض «مخطط التوريث»، المصريون انتفضوا وهتفوا «الشعب يريد إسقاط النظام»، لكن رجال «مبارك» تجاهلوا هتافات المصريين، وردوا عليها بالقوة، صمد الشعب في الميادين، فاضطر النظام لتغيير الحكومة، رفض الشعب، وأصروا على رحيل «رأس النظام»، لكن النظام من جانبه أصر على البقاء.. لكن أين الجيش؟!.

طالب اللواء «السيسي»، مدير المخابرات الحربية، المجلس العسكري بضرورة حسم موقفه من الثورة، مشددًا على ضرورة الانحياز للشعب، بحسب ما رواه الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في برنامج «مصر أين.. ومصر إلى أين؟».

وضع «السيسي» خطة التحرك، حسب صحيفة «ديلي تليجراف»، وانتشر الجيش في الشوارع يوم 28 يناير، وسيطر على المنشآت الحيوية، رفض الانحياز للنظام، وأصدر بيانًا يؤكد فيه احترامه للإرادة الشعبية، كل هذا بناء على تقارير وتعليمات «السيسي»، الأمر الذي دفع «نيويورك تايمز» الأمريكية لوصفه بـ«مهندس الإستراتيجية التي وضعها المجلس العسكري للانحياز إلى الشعب في 25 يناير».

ثورة ولكن...

من خلال خطاباته وأحاديثه الصحفية والتليفزيونية يؤمن «السيسي» بأن ما جرى في 25 يناير ثورة، خرج فيها المصريون للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، لكنها انحرفت عن مسارها بعد اختطافها على يد التيار الإسلامي، وأن «30 يونيو» صححت مسارها.

يكرر «السيسي» دائمًا في أحاديثه التأكيد على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة حتى وإن شابها بعض السلبيات، رافضًا هدمها باسم الثورة، إذ قال في لقاء مع ضباط القوات المسلحة ديسمبر 2012 بدار «الأسلحة والذخيرة»، تم تسريبه من خلال شبكة «رصد» التابعة لجماعة الإخوان: «الدولة المصرية مؤسساتها راحت، الدستور راح، ومجلسا الشعب والشورى راحوا، الداخلية تلقت ضربة شديدة جدًا، القضاء بدأوا يشككوا فيه».

لا عودة للوراء

عقب ثورة 30 يونيو، أطل رموز نظام «مبارك» على المصريين، وبدأت حملة ممنهجة لتشويه ثورة 25 يناير وشبابها، وبدأت التكهنات «السيسي تابع لنظام مبارك. السيسي يريد إعادة الفلول»، لكن الرجل أعلن أنه لا عودة إلى الوراء، خلال اجتماع للحكومة، بحسب ما قاله مصدر حكومي لـ«المصري اليوم» في يناير الماضي.

وفي كلمة ألقاها نيابة عنه اللواء أركان حرب سعيد عباس، قائد المنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية، خلال الندوة العلمية العسكرية التي نظمتها إدارة الشؤون المعنوية بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، تحت عنوان «ثورة من أجل مستقبل أفضل»، قال «السيسي»، إن نصر أكتوبر المجيد هو العبور الأول للشعب المصري، وثورتي 25 يناير و30 يونيو يعدان العبور الثاني للحرية والديمقراطية.

وفي لقاء تليفزيوني مع الإعلاميين إبراهيم عيسى ولميس الحديدي، أثناء ترشحه للانتخابات الرئاسية، قال: «25 يناير إرادة تغيير، مش عارف ليه دايمًا بنشوه كل حاجة حلوة».

إعادة هيبة الثورة

عقب صعود «السيسي» إلى السلطة، تعاملت الدولة بقوة مع شباب الثورة، ورفضت تعديل قانون التظاهر الذي وضعته حكومة حازم الببلاوي، وشن عدد من الإعلاميين المحسوبين على نظام «مبارك» حملة ممنهجة لتشويه شباب الثورة، ووصفوا 25 يناير بأنها «مؤامرة»، ما دفع الرئيس السيسي إلى إعلان خلال لقاء له مع شباب الصحفيين والإعلاميين، اعتزامه إصدار قانون يُجرم إهانة ثورتي 25 يناير و30 يونيو، لكنه لم يُصدر حتى الآن، بعدما لاقى هجومًا كبيرًا من قبل بعض السياسيين والإعلاميين.

الإفراج عن الشباب

وفي ظل غضب الحركات الشبابية من تعامل الدولة بعنف مع الشباب، وحبسهم بسبب التظاهر، أعلن «السيسي»، أن رئاسة الجمهورية تعد قوائم بأسماء عدد من المسجونين الشباب، ومنهم نشطاء وصحفيون من الذين لم يتورطوا في أحداث تضر البلاد، تمهيدًا للإفراج عنهم في ذكرى ثورة 25 يناير.