«الشيوخ» بين البيوميين والأتراك والفرنسيين

كتب: اخبار الإثنين 19-01-2015 20:27

■ «البيوميون» تعنى فى اللغة المصرية القديمة الخطافين، وهو وصف أطلقه قدامى المصريين على عصابات جزر بحيرة المنزلة. وهم من بدو الشرق والعبيد والقراصنة الأوروبيين. وقد ذكر «إميل لودفيج» فى كتابه «مياه النهر» أنهم عاشوا على الإغارة على حدود مصر الشمالية الشرقية، يسرقون الأقوات والنساء والأطفال. وأعجب بهم العامة وبحياتهم القائمة على المغامرة. وكانوا كرماء مع العامة حتى إن كثيرا من شيوخ الأزهر آنذاك زاروهم، وأفتوا بأن «البيوميين» جهادية يدافعون عن شمال مصر الشرقى. وقد هاجمتهم حملة نابليون.

■ تشير وثائق محفوظة بجامعة القاهرة إلى حدوث صراع عثمانلى، كما يروى مؤرخ المرحلة على الشاذلى أن بعض الشيوخ «باع الفتاوى» للجانبين؛ مما أدى إلى اشتداد الفتنة. وتشير هذه الوثائق أيضا إلى أن «الشيخ عبدالله الشبراوى» الذى تولى المشيخة عام 1725 كتب تاريخا يمالئ فيه السلطان سليم بعد احتلاله مصر يقول فيه: «أقام السلطان سليم شهورا بالشام ثم رحل إلى مصر بجيشه. وكان يتسلطن على مصر الأشرف طومان باى، الذى رأى الرسول فى المنام وقال له الرسول: أنت ضيفنا بعد ثلاث. فخلع طومان باى آلة الحرب، وسلم نفسه للسلطان سليم الذى ذبح طومان باى وعلقه على باب زويلة!!».. وفى تلك الفترة أيضا كان المماليك والجنود العثمانلية يهاجمون حمامات النساء ويغتصبونهن ويسرقون وينهبون ويخطفون الأطفال لبيعهم فى سوق الرقيق، فكان أن تجمع كثيرون من أهالى مصر المحروسة بعد صلوات الجمع وطلبوا مساعدة المشايخ، ولكن المشايخ هرولوا إلى بيوتهم!!.

■ شارك معظم المشايخ فى «الديوان» الذى أنشأته الحمله الفرنسية، كما تذكر وثائق الحملة بجامعة القاهرة. وكان «الجبرتى» معجبا بطريقة محاكمة سليمان الحلبى (قاتل كليبر) وحاول فيما بعد إبعاد شبهة تعاونه مع الفرنسيين بعد رحيل الحملة. وعلت أصوات تطالبه بالنفى فكتب كتاب «مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس» ويقول فى المقدمة موجها حديثه للوالى الجديد: «حمدا لمن جعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هى العليا، وجعل الدولة العثمانية والمملكة الخاقانية بهجة الدين والدنيا»!!.

■ ويتهم الشيخ عبدالله الشبراوى بنفس تهمة الجبرتى فيفعل مثله، ويكتب كتابا يهديه إلى يوسف ضياء باشا، أول الولاة بعد الحملة الفرنسية وآخرهم، حيث استولى محمد على، على حكم مصر. ويقول فى كتابه للحاكم عن الفرنسيين.. «هم طائفة يقال عنهم نصارى القاثوليق (الكاثوليك) يتبعون عيسى عليه السلام ظاهرا، وينكرون البعث والآخرة وبعثة الأنبياء»!!. غير أن «محمد على» كان خبيرا بطبائع الناس، خاصة الشيوخ ومن يسمون أنفسهم رجالا!!.

على الألفى- المنصورة