يتفق الخبراء فى الشأن السودانى على أن إضافة المحكمة الجنائية الدولية تهمة الإبادة الجماعية بحق الرئيس السودانى عمر البشير ستؤدى إلى تعقيد الوضع الميدانى فى إقليم دارفور بجانب عرقلة الحلول السياسية مع المتمردين، الأمر الذى يصب فى النهاية فى مصلحة قوى دولية وإقليمية لتقسيم السودان.
زيادة الضغط على المركز ومحاصرة الرئيس البشير يعتبرها هانئ رسلان، الخبير فى الشؤون السودانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ستفشل التسوية المرتقبة بشأن دارفور فى الدوحة والتى تم الإعداد لها لأنها ستدفع المتمردين للتشدد فى مطالبهم، خاصة أنه من الصعب إثبات جريمة الإبادة الجماعية فى دارفور التى شهدت بالفعل وقوع جرائم حرب من أطراف النزاع فى الإقليم جميعا وليس من قبل طرف واحد.
وشرح رسلان صعوبة إثبات تلك التهمة لأن المصطلح القانونى نفسه له إطار خاص يتشدد فيه القانونيون الدوليون، فهو يشير إلى جرائم القتل الجماعى المرتكبة بحق مجموعات من الأشخاص، ويعنى ارتكاب أى عمل من الأعمال الآتية بنية الإبادة، لجماعة ما.
وعن تداعيات تلك التهمة قال إن إلحاق تهمة الإبادة بحق الرئيس البشير ستؤدى إلى إرباك النظام السودانى، ومن ثم السعى إلى إعادة تشكيله بما يتوافق مع رغبات القوى الدولية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة التى تقف على أعتاب انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، فيما يداعب الحزب الديمقراطى أصوات السود حيث يحصل الحزب على 90% من أصواتهم، مع العلم بأن شعبية الرئيس الديمقراطى باراك أوباما فى تراجع كبير، بحسب أحدث نتائج استطلاعات الرأى.
ويتفق خبراء آخرون، بينهم السفير المصرى السابق فى السودان رخا أحمد حسن، على أن الإدارات الأمريكية عملت فى السابق على ممارسة كل الضغوط المتاحة لديها لدفع الحكومة السودانية إلى التوافق مع سياستها للحد من النفوذ الصينى فى السودان.
ويرى أنصار هذا الاتجاه أن مواقف الولايات المتحدة من السودان تتسم بالغموض والتضارب فى أحيان كثيرة خاصة بشأن دارفور، فيما يتفاوت تقدير المواقف داخل أجهزة الإدارة الأمريكية بشأن دارفور، خاصة بين الخارجية والكونجرس ووكالة المخابرات العامة.
ويؤكد الخبراء فى الشأن السودانى أن تحركات أوكامبو، المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، أضرت جهود تسوية الصراع فى دارفور بل ودفعت النظام السودانى إلى التمسك بأهداب السلطة، خاصة فى الوقت الذى كان الحزب الحاكم فيه بصدد فتح الباب أمام خلافة البشير وانتقال «سلس» للسلطة.
وصدور مذكرة الاعتقال الثانية هو بمثابة محاولة لتقويض الشرعية الجديدة التى حصل عليها البشير بالفوز فى الانتخابات الرئاسية السودانية التى أجريت مؤخراً وفاز فيها بنسبة 69%.
كما أنها تؤكد، فى الوقت نفسه، أن العصا مازالت مشهرة فى وجهه، خاصة أن السودان مقبل على استفتاء فى حق تقرير المصير للجنوب فى يناير المقبل، الأمر الذى سيفتح الباب أمام انفصالات أخرى قد تكون دارفور أحدها.