بعد الجريمة الإرهابية التي راح ضحيتها عدد من العاملين في مجلة «شارلى إبدو» والاهتمام العالمى، خاصة الدول الأوروبية، يبدو لدى الكثيرين أنه يفوق بكثير ردود الأفعال على أحداث برجى التجارة العالميين في نيويورك، وكذلك لم يهتم الغرب بما حدث ويحدث من عمليات إرهابية في مصر بل وفى المنطقة العربية التي نتج عنها آلاف الضحايا وتدمير القدرة العسكرية لبعض الدول واستنزاف الموارد باستمرار، وعلى الغرب أن يدرك الآن أنه ارتكب مجموعة من الأخطاء الفادحة التي يدفع ثمنها اليوم غالياً حين فتح ذراعيه لبعض الجماعات المتطرفة باعتبارها قوى معارضة للأنظمة في المنطقة وبإمكانه تجنيدها لخدمة مصالحه حين يريد، دون أن يدرى أن هذه الجماعات ستكون شوكة في ظهره يعانى منها ويكتوى بنارها. لقد ظن الغرب أنه بمنأى عن خطر الإرهاب، ولم يلتفت إلى الدعوات المخلصة للتكاتف من أجل مواجهة هذا الخطر المحدق بالجميع. وهنا تجدر الإشارة إلى تنبيه مصر وتحذيرها مراراً وتكراراً من خطورة هذه الظاهرة، وتأكيد خادم الحرمين الشريفين أن الإرهاب سيصل إلى الجميع، وأن الغرب ليس بمعزل عنه، وأن الإرهاب ليس له وطن ولا دين ولا مكان ولا زمان. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى في 26 يوليو 2013 طلب من الشعب تفويضه لمحاربة الإرهاب والتهديدات المحتملة له، وقد سبق بذلك ما طلبه الرئيسى الفرنسى «فرانسوا هولاند»، يوم الأحد 11 يناير 2015، من تفويض الشعب الفرنسى له لمحاربة الإرهاب، وهذا يدل على أن فكر وثقافة المصريين ورئيسهم عبدالفتاح السيسى لهم السبق على الجميع، وعندما طلب الرئيسى الفرنسى تفويضه بمجابهة الإرهاب والإرهابيين نشر الجيش داخل فرنسا لأول مرة من خلال 15 ألف جندى لتأمين المواقع الحيوية. ولقد أشادت الصحافة الفرنسية بمظاهرات يوم الاثنين 12 يناير التي وصفتها بأنها الأكبر منذ مظاهرات ميدان التحرير في مصر.
وفى سياق آخر، وجهت وسائل الإعلام الأمريكية انتقادات لاذعة للرئيس الأمريكى بارك أوباما ووصفته بـ«البطة العرجاء» بسبب غيابه عن تظاهرات التضامن الضخمة في باريس، وقالت جريدة «نيويورك ديلى نيوز» لأوباما: «لقد خذلت العالم».
وهناك تحليلات بأن أمريكا وإسرائيل وراء الهجوم على فرنسا لمعاقبة فرنسا على اعترافها بدولة فلسطين، فضلاً عن محاولة إجبار فرنسا على استمرار دعمها للجيش السورى الحر وجبهة النصرة للإطاحة بنظام بشار الأسد، وكل ذلك غرضه تحقيق مخطط التقسيم للوطن العربى من خلال سيناريو جديد وهو سيناريو «داعش» لتكون أداة وذريعة لحروب جديدة متوقعة في سوريا والعراق وليبيا تحت ستار مواجهة «داعش». علماً بأن داعش اختصار للدولة الإسلامية في العراق والشام وتطلق عليها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب اسم «الدولة الإسلامية» لتعطى انطباعاً بأن الإسلام هو دين الإرهاب والقتل والذبح، والإسلام برىء من ذلك لأنه دين السماحة والسلام والتعايش مع الآخر. وهنا يبرز سؤال: «هل كانت وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الأمن القومى NSA وجميع شبكات الرصد الجوى وعملاء واشنطن على الأرض يغطون في نوم أهل الكهف حينما تسلل رجال داعش إلى العراق، أم أن الأمر برمته كان مقصوداً للسيطرة على دولة عراقية مفككة؟!
وفى الختام يجب على العالم التكاتف لمجابهة الإرهاب في جميع الدول غرباً وشرقاً لصالح البشرية جمعاء.