«عبد الناصر قالها زمان الإخوان ما لهمش أمان».. هذه العبارة كانت هتافا للجماهير في أعقاب ثورة 25 يناير، ومن خلالها نعيد قراءة ملف الجماعة وعلاقتها بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر، الذي تحل ذكرى مولده الـ97.
وكانت العلاقة بين عبدالناصر والإخوان متفاوتة بين التقارب والعداء، فقد تعاون معهم في أربعينيات القرن الماضي من خلال أحد زملائه في تنظيم الضباط الأحرار وهو عبد المنعم عبد الرؤوف.
وفي الأيام الأولى لثورة 23 يوليو، أصدر مجلس قيادتها قرارًا بحل جميع الأحزاب باستثناء جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها «جمعية دينية دعوية»، كما أعاد المجلس فتح التحقيق في مقتل مؤسس الحركة، حسن البنا، فقبض على المتهمين باغتياله وأصدر أحكامًا قاسية بحقهم، وعفا عن معتقلين من الإخوان.
ولم تدم العلاقة الجيدة بين عبدالناصر والإخوان، فبعد أشهر قليلة على الثورة، وبعد حل الأحزاب حضر لمجلس قيادة الثورة وفد من الإخوان ليقول للزعيم الراحل: «بعد حل الأحزاب م يبق من مؤيد للثورة إلا الإخوان، ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا في وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم».
وسألهم بعدالناصر عن المطلوب لاستمرار تأييدهم للثورة، فأجابوا: «نطالب بعرض كافة القوانين والقرارات التي سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها على مكتب الإرشاد لمراجعتها من ناحية مدى تطابقها مع شرع الله والموافقة عليها، وهذا هو سبيلنا لتأييدكم إذا أردتم التأييد»، ورفض ناصر مطلبهم.
كما رفض عبد الناصر طلبات أخرى تتعلق بالحجاب ومنع المرأة من العمل وإغلاق المسارح وصالات السينما وهدم التماثيل والتشديد على صالات الأفراح.
وقال عبد الناصر للإخوان: «لن أسمح لكم بتحويلنا إلى شعب بدائي يعيش في مجاهل أفريقيا»، فوقع الصدام، وبدأ الإخوان يعملون ضده، فيما اتجه الزعيم الراحل إلى ملاحقتهم، ووصل الأمر بهم إلى حد الرغبة بالاستيلاء على السلطة.
وقال المرشد العام لجماعة الإخوان، آنذاك، المستشار حسن الهضيبي: «أعتقد أن العالم الغربي سيربح كثيرًا إذا وصل الإخوان إلى حكم مصر»، فيما شهد شهد 26 أكتوبر1954، ذروة الاشتباك بين عبد الناصر والجماعة، حين تعرض عبد الناصر لمحاولة اغتيال أثناء إلقائه خطبة جماهيرية في الإسكندرية.
وألقي القبض على الهضيبي والجهاز السري ومن أطلق الرصاص محمود عبداللطيف، وتم إصدار الأحكام بإعدام 7 وعلى رأسهم الهضيبي، والسجن أشغال شاقة مؤبدة على آخرين، وتم تخفيف حكم الإعدام على الهضيبي.
وفي 13 يناير 1954، صدر حكم قضائي بحل جماعة الإخوان وحظر نشاطها، بسبب محاولتهم فرض سيطرتهم ووصايتهم على الثورة وعلى الشعب، وبدأت ملاحقة التنظيم قضائيًا وفتح عبد الناصر السجون أمام قياداته وأعضائه، فسجن عددًا كبيرًا منهم، وصدرت ضد بعضهم أحكام بالإعدام وضد آخرين بالسجن عشر سنوات أو الأشغال الشاقة.
وفي 1964، قام جمال عبد الناصر باعتقال من تم الافراج عنهم من الإخوان مرة أخرى، وبالأخص سيد قطب وغيرهم من قيادات الإخوان، بدعوي اكتشاف مؤامرتهم لاغتياله وأعدم سيد قطب مفكر الجماعة في عام 1966 ومعه خمسة من قيادات الإخوان.
وحاول المرشد التقرب مرة أخرى لناصر عن طريق كتاب «دعاة لا قضاة» تأليف حسن الهضيبي، وحاول التنصل عن أفكار سيد قطب بعد أن نصب شباب الجماعة أنفسهم قضاة ويكفرون البعض ولكن نجحت دعوة سيد قطب، وأصبح هناك مناخ عنف لديهم ولم يتأثر عبد الناصر بهذا الكتاب، وبقي الإخوان خلف القضبان.
وهناك 3 مرات عبر التاريخ تعرضت فيها جماعة الإخوان للحل الأولي في عهد رئيس الوزراء النقراشي باشا وانتهى الانتقام الإخواني باغتياله، والثانية في عهد عبد الناصر والذي حاول الإخوان اغتياله في المنشية، والمرة الثالثة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
غير أننا في ذكري ميلاد عبد الناصر نتوقف مليا في علاقته بالإخوان التي بدأت جيدة وظلت متراوحة ومتغيرة، وبدأ التأزم إثر دعمهم للرئيس محمد نجيب.
وكما ذكرنا، وصل الصدام إلي ذروته بين قائد الثورة والجماعة في 26 أكتوبر 1954، حين تعرض عبد الناصر لمحاولة اغتيال اثناء إلقائه خطبة جماهيرية في مدينة الإسكندرية الساحلية فأطلقت عليه 8 رصاصات لم تصبه أي منها، لكنها أصابت الوزير السوداني، ميرغني حمزة، وسكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية، أحمد بدر، وألقي القبض على مطلق الرصاص، الذي تبين لاحقاً أنه ينتمي إلى تنظيم الإخوان.
وفي 13 يناير عام 1954، صدر حكم قضائي بحل جماعة الاخوان وحظر نشاطها.
وبدأت ملاحقة التنظيم قضائياً وفتح عبد الناصر السجون أمام قياداته وأعضائه، فسجن عدداً كبيراً منهم، وصدرت ضد بعضهم أحكام بالإعدام وضد آخرين بالسجن عشر سنوات أو الأشغال الشاقة.