خلال السنوات السبع الأخيرة، صرف أرسنال ما يقارب الـ250 مليون دولار في كل مراكز الملعب، باستثناء الارتكاز الدفاعي، ظل يعتمد بشكل دائم على تحويل لاعبي خط وسط ذوي ميول هجومية-مثل مايكل أرتيتا- للعب هذا الدور، أو يحضر صفقة مجانية مثل ماثيو فلاميني بعد انخفاض مستواه الكبير الذي كان عليه سابقًا، أو يعتمد على تبادل الأدوار وعدم المركزية في الملعب، ويلعب مثلًا بـ «ويلشير» و«رامزي» -لاعبا «Box to Box»- وأمامهم «أوزيل» أو «كازورلا» مع محاولة الاعتماد على تبادل الأدوار بينهم هجومًا ودفاعًا، أمر يصلح أحيانًا في المباريات أمام الفرق الصغرى.. ولكنه أدى لنتائج كارثية في الموسم الماضي أمام كل الكبار في إنجلترا.
أرسنال خسر بسداسية نظيفة أمام تشيلسي، بسداسية أخرى أمام مانشستر سيتي، بخماسية أمام ليفربول، بثلاثية نظيفة أمام إيفرتون، وفي كل هذه المباريات، وإلى جانب انخفاض مستوى الفريق ككل، فإن المشكلة الأوضح هي افتقاده للاعب ارتكاز في وسط الملعب، دون بطء حركة «أرتيتا» أو انهيار «فلاميني» في المباريات الكبرى.
هذا الموسم تكررت المشكلة بشكل أوضح، خصوصًا مع انخفاض أكبر في مستوى بير ميرتساكر مدافع الفريق الأساسي، وإصابة «كوسيلني»، وتناوب أظهرة مثل «تشامبرز» و«ديبوشي» و«مونريال» على مركز قلب الدفاع، فصارت مشاكل الارتكاز والمساحة الكبيرة في منتصف الملعب أوضح حتى من ذي قبل، وفي النصف الأول من الموسم خسر الفريق 5 مباريات كاملة، بالإضافة إلى ضياع نقاط سهلة بالتعادل أمام فرق أضعف، وصار من النادر الخروج بشباكٍ نظيفة، مع بداية النصف الثاني من الموسم.. كان الحل المؤقت لكل شيء هو لاعب الفريق الشاب فرانسيس كوكلين.
«أرتيتا» أصيب خلال أغلب لقاءات الدوري الأول، و«فلاميني» يقدم موسمًا كارثيًا بكل معنى الكلمة، ولا يبدو أن إدارة أرسنال تنوي دخول السوق الشتوي من أجل صفقات جديدة، وفي ظل محاولة أرسين فينجر الدائمة في الميل لأقل الحلول كُلفة فقد قرر قطع إعارة الشاب الفرنسي لنادي تشارلتون أتلتيك وإعادته للفريق، قرار مزعج لمشجعي الفريق في البداية لأنه يعني –بنسبة 80% على الأقل- أن «فينجر» لن يحضر ارتكاز دفاعي بمستوى ماتيتش في تشيلسي أو فرناندينيو في مانشستر سيتي. ولكن بعد 3 مباريات لعبها «كوكلين».. كان الأمر مفاجأة جيدة.
«كوكلين» كان أساسيًا في مباريات الفريق الثلاثة الأخيرة: ضد ساوثهامبتون، هال سيتي، ستوك سيتي. خسر الفريق المباراة الأولى بسبب تشكيل غريب جدًا بدأ اللقاء، ولكنه فاز في اللقائين التاليين بشباكٍ نظيفة وأداء أفضل من العادي في بقية الموسم.
إحصائيات «كوكلين» تضعه كأفضل قاطع للكرات في أرسنال، ممر جيد لأن نسبة التمريرات الصحيحة تصل لـ84.6% خلال المباراة الواحدة، يفسد 4 هجمات للخصم في نصف الملعب خلال اللقاء، وصحيح إن إسهاماته الهجومية شبة منعدمة ولكنه يعطي أريحية كبرى لمن يلعب بجانبه.. تحديدًا توماس روزيسكي الذي يؤثر سنه حاليًا على أداءه الدفاعي وسانتي كازورلا صاحب الميول والمهام الهجومية طوال الوقت.
والنتيجة أن «كوكلين» ليس لاعبًا خارقًا، ليس بمستوى «ماتيتش» أو «فيرناندينيو» أو حتى جاريث باري الذي ارتبط اسمه بأرسنال كثيرًا، ولكنه يحسن أداء الفريق الدفاعي كثيرًا في المباريات القليلة التي لعبها حتى الآن، ويساهم في تحديد المهام بداخل الملعب بصورة تسمح لتألق آخرين هجوميًا، وهو بالطبع لا يرتكب هفوات فادحة مثل «فلاميني».
وفي حال قرر «فينجر» تثبته في التشكيل الأساسي –كما هو متوقع وضروري-، فإن الاختبارات القادمة، مثل مباراة مانشستر سيتي يوم الأحد، هي الأهم لتحديد مقدار الاعتمادية المحتملة على «كوكلين» لصنع عمق دفاعي في وسط ملعب الفريق. وحل مشكلة مؤرقة ومزمنة لأرسنال منذ سنوات طويلة.