رغم مرور أربعة عقود كاملة، ما زال عام 1974 محفورا في ذاكرة الكونغو الديمقراطية «زائير سابقاً» بأنه العام الأكثر نجاحا لكرة القدم في هذا البلد الواقع بوسط القارة الأفريقية.
ولم يكتف منتخب الكونغو الديمقراطية، خلال هذا العام، بترك بصمة رائعة على الساحة الأفريقية فحسب بل شق الفريق طريقه إلى ساحة كرة القدم العالمية للمرة الوحيدة في تاريخه وإن ظهرت كرة القدم بالكونغو الديمقراطية على الساحة العالمية من خلال فريق مازيمبي في نهاية العقد الأول من القرن الحالي.
وعندما يخوض منتخب الكونغو الديمقراطية، فعاليات النسخة الثلاثين من بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم والتي تستضيفها غينيا الاستوائية من 17يناير الحالي إلى الثامن من فبراير المقبل ، سيكون هدف الفريق هو تحسين صورته التي اهتزت كثيرا خلال السنوات الأخيرة واستعادة بعض من بريق الماضي لأنه يدرك جيدا أن الفرصة ليست سانحة بعد للمنافسة على لقب البطولة.
وشق هذا الفريق طريقه إلى النهائيات في غينيا الإستوائية من الباب الضيق بالفعل حيث كان آخر الفرق التي حجزت مكانها في النهائيات وانتظر حتى انتهاء جميع المباريات بالتصفيات المؤهلة للبطولة من أجل معرفة مصيره النهائي.
وحجز منتخب الكونغو الديمقراطية، مكانه في النهائيات بعدما خطف بطاقة التأهل الوحيدة التي تمنح لأفضل منتخب يحتل المركز الثالث على مستوى جميع مجموعات التصفيات المؤهلة للبطولة.
وحل منتخب الكونغو الديمقراطية ثالثاً برصيد تسع نقاط خلف منتخبي الكاميرون وكوت ديفوار حيث حقق الفريق الفوز في ثلاث من المباريات الست التي خاضها في مجموعته وكان أبرزها الفوز على منتخب كوت ديفوار 4/3 في عقر داره علماً بأنه حقق الإنتصارين الآخرين على المنتخب السيراليوني الذي تذيل المجموعة.
وإذا كان الفريق احتل المركز الثالث في مجموعته خلف فريقين عريقين يأتيان دائما بين الفرق المرشحة للمنافسة على اللقب الأفريقي ، فإن تأهله هذه المرة كان على حساب منتخبات عريقة أخرى منها منتخبي مصر صاحب الرقم القياسي لعدد مرات الفوز باللقب الأفريقي «سبع مرات» ونيجيريا الفائز باللقب في النسخة الماضية عام 2013 بجنوب أفريقيا.
وتفوق منتخب الكونغو الديمقراطية على هذه المنتخبات في صراع المركز الثالث بالمجموعات المختلفة.
ولهذا، لا يعبر التأهل الصعب للفريق عما يمكن أن يقدمه في النهائيات حيث يستطيع هذا الفريق تفجير المفاجأة واستعادة بعض بريقه الأفريقي.
ويحظى هذا المنتخب بتاريخ حافل من المشاركات في بطولات كأس الأمم الأفريقية كما توج مسيرته في هذه البطولات بلقبين في نسختي 1968 في إثيوبيا و1974 في مصر.
وبخلاف فوز الفريق باللقبين ، فاز الفريق على مدار 16 مشاركة سابقة في النهائيات بالمركز الثالث في بطولة 1998 والمركز الرابع في 1972 فيما كان مصيره هو الخروج من الدور الأول أو دور الثمانية في باقي المشاركات.
وما زالت ذكريات فوز الفريق باللقب في 1974 عالقة في الأذهان حيث عبر الفريق إلى النهائي في هذه البطولة بالفوز 3/2 على نظيره المصري صاحب الأرض ثم اصطدم بالمنتخب الزامبي في النهائي ليتعادل الفريقان 2/2 وتعاد المباراة بعدها بيومين ليفوز منتخب الكونغو الديمقراطية تحت اسم زائير، بالمباراة 2/صفر ويتوج باللقب.
وشهدت البطولة نفسها رقما قياسيا ظل صامدا حتى الآن حيث سجل نداي مولامبا نجم الكونغو الديمقراطية تسعة أهداف ليظل هذا العدد من الأهداف هو الأكبر لأي لاعب في نسخة واحدة بالبطولة الأفريقية.
وعاد منتخب زائير إلى بلاده على متن الطائرة الرئاسية بقرار من الرئيس موبوتو سيسي سيكو.
وشهد نفس العام مشاركة زائير للمرة الوحيدة بتاريخ هذا البلد في بطولات كأس العالم وإن فشل في عبور الدور الأول.
ومع هذا التاريخ الرائع للكونغو الديمقراطية في البطولة الأفريقية ، يطمح الفريق إلى ترك بصمة جديدة من خلال النسخة المقبلة في غينيا الاستوائية علما بأنه سيلتقي في مجموعته مجددا بالمنتخب الزامبي الذي تثير المواجهات معه ذكريات سعيدة لدى منتخب الكونغو الديمقراطية.
وبخلاف الفوز على المنتخب الزامبي في نهائي كأس أفريقيا 1974 ، كانت أول مباراة دولية لمنتخب الكونغو الديمقراطية (تحت اسم الكونغو البلجيكية قبل استقلال هذا البلد) أمام منتخب زامبيا «تحت اسم روديسيا الشمالية» وفاز المنتخب الكونغولي 3/2 وذلك في عام 1948 .
وبعد الاستقلال ، التقى الفريقان عدة مرات وكان أكبر فوز في تاريخ منتخب الكونغو الديمقراطية على حساب المنتخب الزامبي نفسه عندما تغلب عليه 10/1 في عام 1969 .
ورغم خفوت نجم منتخب الكونغو الديمقراطية في السنوات الماضية ، قدم فريق مازيمبي هذا البلد بشكل رائع على الساحة الدولية حيث توج بلقب دوري أبطال أفريقيا في 2009 و2010 وشارك في المرتين بكأس العالم للأندية حيث خرج مبكرا في المرة الأولى لكنه فجر مفاجأة من العيار الثقيل في المشاركة الثانية عام 2010 وتأهل للمباراة النهائية ليصبح أول فريق من خارج قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية يحجز مكانه في النهائي وإن خسر صفر/3 في النهائي أمام انتر ميلان الإيطالي.
ولم يستفد منتخب الكونغو الديمقراطية من سطوع نجم مازيمبي بالشكل المناسب وفشل في بلوغ نهائيات كأس أفريقيا في 2010 و2012 وخرج من الدور الأول في 2013 .
لكن الفرصة تبدو سانحة أمامه الآن لعبور الدور الأول في النسخة الجديدة رغم صعوبة مجموعته التي تضم معه منتخبات تونس وزامبيا وكيب فيردي (الرأس الأخضر) .
ويستهل الفريق مسيرته في البطولة بلقاء نظيره الزامبي في 18 يناير الحالي ثم يلتقي منتخبي كيب فيردي وتونس في 22 و26 من الشهر نفسه على الترتيب.
ولكن ما يضعف فرص الفريق في البطولة أنه يخوض فعاليات النسخة المقبلة بقيادة المدرب الوطني فلوران إيبينجي الذي لا يملك خبرة كبيرة مقارنة بالعديد من المدربين الآخرين في البطولة.
ورغم هذا ، يعتمد الفريق على خبرة العديد من لاعبيه المحترفين في أوروبا وكذلك على الخبرة الهائلة لحارس مرمى مازيمبي الشهير روبرت كيديابا الذي يمثل أحد عناصر الثقة في هذا الفريق.