«مبارك».. يرى الرئاسة وظيفة والرئيس موظف

كتب: جمال الجمل الخميس 14-01-2010 14:46

يرى «فوكو ياما» أنه عندما تنتهى شرعية الرجل الواحد، يقصد «جمال عبدالناصر»، يأتى بعده أحد رفاقه، «يقصد السادات»، ثم واحد يليه من بعده يكون من البيروقراطيين، «يقصد مبارك».

وبالتالى فإن «مبارك» يرى أن رئاسة الجمهورية هى مجرد وظيفة، وأن رئيس الجمهورية مجرد موظف، وبالتالى فقد تعامل مع الحكم من واقع خبرته الإدارية والتنظيمية التى استمرت أربعين عاماً، والتى يغلب عليها الطابع البيروقراطى النمطى الثابت، وهذا ما طبع على فترة حكمه الاستقرار وعدم التغيير.

هذه الفترة من حكمه قتلت روح المحاولة أو الابتكار، فأصبحت مصر تدار من خلال سلطة مركزية مستبدة لا تسمح بأى نقد، كل شىء يدار بقرار بدءاً من العمدة إلى أعلى رتبة فى البلد. ألغيت الانتخابات، ورسخ قانون الطوارئ، وأصبحت التعيينات هى السائدة، والوساطة والمحسوبية هى المعيار للكفاءة، والأمن هو سيد الموقف فى الاختبارات.

انعكست بجلاء القيم الاجتماعية المنتشرة فى القرية المصرية والتى تظهر فى الأساس عبر شبكة علاقات اجتماعية، والتى تتكون من علاقات نسب وقرابة وصداقة وزمالة، وبالتالى فإذا كانت المرحلتان الأوليان لحكم مبارك كانت تتم فيها التعيينات والاختبارات من البيروقراطيين وإحدى المؤسسات السيادية والسلك الجامعى، فإن المرحلة التالية لحكمه أظهرت طبقة جديدة من رجال الأعمال والبنوك، وذلك كاستجابة لضغوط خارجية ومصالح داخلية من قبل رجال أعمال من العائلات المالية قبل الثورة، خصوصاً بعد قدوم جيل المستقبل ثم لجنة السياسات 1996 وما صاحبها من فكر جديد، ولكنه ليس فكرا سياسيا، بل هو فكر اقتصادي، فظلت السفينة تتحرك بدفة واحدة بينما الدفة الثانية فى ثبات تام، فالدفة التى تتحرك كاستجابة لضغوط خارجية وللتلميع الإعلامى للفكر الجديد المتمثل فى جمال مبارك هى الدفة الاقتصادية، أما الدفة السياسية فكانت تزداد تمسكاً وثباتاً بالقديم المتهالك.