سيناريوهات سوداء تلوح في أفق برشلونة

كتب: إفي الإثنين 05-01-2015 22:57

يقول التاريخ أن أي امبراطورية عظمى يجب أن يأتي عليها، بعد سنوات المجد، أيام مظلمة قد تؤدي إلى اندثارها، وربما يكون هذا هو ما يحدث مع نادي برشلونة الإسباني حاليًا.

وبسطت «الامبراطورية الكتالونية» سيطرتها على عالم الكرة من 2008 لـ2012 في حقبة «القيصر» الإسباني بيب جوارديولا، الذي رحل عن النادي، بعد انتهاء ولاية رئيس البرسا الأسبق جوان لابورتا وتولي سلفه ساندرو روسيل المسؤولية.
ومنذ هذه اللحظة بدأت أعراض المرض تدب في أوصال النادي مؤسسيًا وكرويًا وفنيًا حيث افتقد لمسته الجمالية والعبقرية في الملعب، وعنصري الدهاء والمكر في الادارة المؤسسية والتعامل مع المباريات.
ووصلت الأمور لذروتها خلال الموسمين الماضي والحالي بداية باستقالة روسيل وتولي جوزيب ماريا بارتوميو للرئاسة وعقوبة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على النادي بمنع التعاقد مع اللاعبين حتى مطلع 2016 مرورًا بالأداء المتخبط للفريق تحت قيادة خيراردو تاتا مارتينو ولويس إنريكي وصفقات أندوني زوبيزاريتا المشكوك فيها نهاية باقالة الأخير من منصب المدير الرياضي واستقالة مساعده، النجم السابق كارليس بويول.
الأمر لا يتوقف عند هذا حيث إن النادي خلال الفترة المقبلة ربما، قد يمر بسيناريوهات أكثر سوداوية على خلفية معطيات كل ما حدث.
- السيناريو الأول: رحيل «البرغوث»
يعد أسوأ كابوس يمكن أن يستيقظ عليه عشاق النادي الكتالوني هو رحيل نجمهم الأفضل وصاحب الفضل الأكبر فيما حققه النادي خلال سنوات المجد، الأرجنتيني ليونيل ميسي.
فيما سبق كانت هذه الاحتمالية تعد دربا من الخيال، ولكن التطورات التي حدثت خلال العام الماضي جعلت الأمر يكتسب قدرا من الواقعية حيث أن ميسي تحدث في 2014 ولأول مرة عن احتمالية رحيله عن النادي الكتالوني مع جريدة (أوليه) الأرجنتينية حيث قال «الكرة دوارة حيث ليس كل من يتمناه المرء يدركه، لقد أبديت سابقًا رغبتي في البقاء للأبد مع برشلونة، ولكن في بعض الأحيان لا تسير الأمور دائمًا كما نرغب».
التصريح لا يمكن أن يمر مرور الكرام خاصة في ظل كل ما نشر من تقارير حول استياء ميسي من عدم دفاع النادي عنه بصورة مباشرة في قضية تهربه من الضرائب بجانب تعجبه من عدم دفاع النادي عن فرصه في الفوز بجائزة الكرة الذهبية مجددا لعام 2014 بنفس الصورة التي يقوم بها ريـال مدريد مع غريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو.
ولا يجب أيضا نسيان ما نشر حول الخلافات الأخيرة بين ميسي والمدرب الحالي للبرسا لويس إنريكي، الذي لم يدفع به أساسيًا في مواجهة ريال سوسييداد التي انتهت بخسارة النادي الكتالوني، وتغيبه اليوم عن حضور تدريبات خفيفة للفريق يقدمها النادي كـ«هدية» للأطفال بمناسبة العام الجديد بحجة اصابته بالتهاب في المعدة، وهو الأمر الذي شكك فيه حتى الاعلام الموالي لنادي برشلونة.
وعلى الرغم من أن الشرط الجزائي في عقد ميسي يقترب من 250 مليون يورو، إلا أنه اذا ما رغب اللاعب في الرحيل بيوم من الأيام فلن يقف هذا الأمر كعائق.
- السيناريو الثاني: أنا أو الفوضى!

يقول معارضو الرئيس الحالي لنادي برشلونة جوزيب ماريا بارتوميو، وعلى رأسهم لابورتا، أن الأول وصل لمنصبه بطريقة «غير شرعية ودون انتخابات»، حيث تولى المنصب عقب استقالة روسيل لذا يطالبون باجراء انتخابات مبكرة.
ويعارض بارتوميو اجراء الانتخابات المبكرة ويصر على أنها ستقام في موعدها خلال 2016، حيث يبدي تمسكا شديدا بالمنصب ويعمل على اجراء تغييرات هيكلية وادارية في النادي لايصال رجاله الموثوق بهم لمناصب معينة، مثل إقالة المدير العام أنطوني روسيتش وتعيين ايجانسيو ميستر، وترقية البرت سولير لمنصب مدير قطاع الرياضة.
وكان بارتوميو متمسكًا بزوبيزاريتا في منصب المدير الرياضي للنادي ولكن تصريحات الأخير عقب الهزيمة من ريال سوسييداد بهدف نظيف في ملعب أنويتا حينما سأله أحد الصحفيين بخصوص عقوبات (فيفا) كانت إيذانا ببداية حفر قبر لحارس النادي الكتالوني السابق.
وأجاب «زوبي» على هذا الأمر بقوله إنه لا يتحمل وحده المسؤولية لأنه خلال الوقت الذي تمت فيه الصفقات كان بارتوميو يشغل منصب نائب الرئيس للشئون الرياضية، ليأتي الرد من الرئيس الحالي بإقالته.
ويبدو أن بارتوميو يتعامل مع الأمور في ادارة النادي الكتالوني بمبدأ «أنا أو الفوضى»، لذا فإن الخطوة المقبلة بالنسبة له حال حدوث انتكاسة جديدة ربما تتمثل في إقالة لويس إنريكي.
وعلى الرغم من كل الشكوك التي تحيط بأحقية إنريكي في تولي المنصب، فإن قرار الإقالة إذا ما حدث وسط الموسم سيتسبب في خلق حالة جديدة من الفوضى داخل جدران النادي العريق.

- السيناريو الثالث: مهمة العثور على «سوبرمان».
إذا ما تدهورت النتائج واتخذ بارتوميو قرارا باقالة انريكي قبل انتهاء هذا الموسم سيتحتم عليه بالتبعية البحث عن مدرب جديد لادارة شؤون الفريق.
سيكون الأمر بشبه مهمة للعثور على «سوبرمان» في زمن جميع الأبطال الخارقين المعروفين وحتى الذين لا يحظون بنفس الشهرة ينشغلون حاليًا بالعمل مع أنديتهم.
من المستحيل مثلاً أن يهب بيب جوارديولا لنجدة برشلونة ويتخلى عن بايرن ميونخ، فـ«الفيلسوف» كان أكد مؤخرا استحالة عودته لتدريب البرسا في يوم من الأيام، ولكنه في نفس الوقت تمنى له كل الخير.
تشهد كرة القدم التراجع أحيانًا عن الكثير من القرارات، ولكن مسألة عودة جوارديولا لبرشلونة في وقت يتولى فيه بارتوميو الرئاسة أشبه باحتمالية فوز إيبار بالليجا هذا الموسم، في ظل كل الخلافات التي تجمعهما..ربما يكون هذا الأمر ممكنًا اذا ما تولى لابورتا رئاسة النادي مجددًا أما الآن فلا.
وباجراء مسح سريع للمدربين المتميزين الموجودين على الساحة حاليا، فإن يورجين كلوب على سبيل المثال، الذي على رغم من تراجع فريقه دورتموند هذا الموسم معه لمراكز متأخرة في البوندسليجا لأسباب غير فنية بالمرة، لا يبدو مرشحا مناسبا لقيادة الفريق الكتالوني لأنه بكل تأكيد لا يحب فلسفة البرسا القائمة على الاستحواذ فسبق وقال «لو كنت شاهدت برشلونة الحالي وأنا صغير لاتجهت للعب التنس، كرة القدم التي أعرفها ليست هكذا».
بعدها تظهر أسماء مثل إرنيستو فالفيردي مدرب أثلتيك بلباو الحالي أو روبرتو مارتينيز مدرب إيفرتون الإنجليزي على سبيل المثال وكلاهما كان مرشحا لقيادة برشلونة بعد حقبة مارتينو، ولكن أيا منهما بكل تأكيد لن يقبل بادارة فريق بحجم برشلونة في مرحلة «الغليان».
ستضيق الخيارات أمام بارتوميو اذا ما أقدم على هذه الخطوة وسيضطر إلى استقدام مدرب غير مقنع أو ربما تكرار تجربة الاعتماد على أبناء النادي، وهو الأمر الذي سيصعب من مهمة نجاحه في زمن يندر فيه الأبطال الخارقون.
تجدر الاشارة إلى أن هذا الأمر حتى ولو حدثت انتخابات مبكرة أدت لفوز لابورتا أو غيره بمنصب الرئاسة، سيكون من أشد النقاط صعوبة في مهمة اعادة برشلونة للمسار الصحيح.

- السيناريو الرابع: وفاة الـ«تيكي تاكا»:
يدرك المتابعون جيدا لفريق برشلونة أن أسلوب الـ«تيكي تاكا» بات مكشوفا لأغلب الفرق التي تواجه برشلونة، كبيرهم قبل صغيرهم، حيث أصبحت عملية ايقاف الماكينة الكتالونية ممكنة جدا.
وساهم في هذا الأمر عوامل كثيرة منها القراءة الجيدة لمدربي الخصوم لمفاتيح اللعب وارتفاع المعدل العمري لتشابي هيرنانديز وإنييستا وعدم الاعتماد على سيسك فابريجاس ثم رحيله نحو تشيلسي الإنجليزي، وعدم اعطاء دور البطولة للوجوه الصاعدة، إما لعدم جاهزيتها أو نتيجة لاتخاذ قرارات خاطئة.
وفشل مارتينو خلال تجربته مع البرسا في تعديل «الطابع الأصولي» الذي يطبق به لاعبو برشلونة الأسلوب خلال الموسم الماضي وهاجمته الصحافة الكتالونية حينما حاول الاعتماد على أسلوب لعب مباشر دون النظر كثيرا للاستحواذ.
وجاء بعده إنريكي وهو يلعب بالطريقة المعتادة للـ«تيكي تاكا» ولكنه لم يثبت طوال المبارايات على تشكيل واحد، خاصة في خط الوسط الذي شهد الكثير من التعديلات بلا داع، مما تسبب في افتقاد الفريق للمسته الجمالية.
وتتمسك الإدارة الحالية، وربما ستتمسك أي إدارة أخرى لاحقة، بفلسفة اللعب وبالمثل اللاعبين، ولكن اذا لم ينجح إنريكي، لو لم يتعرض للاقالة، أو المدرب القادم لبرشلونة في ادخال تعديلات على هذا الأسلوب لبعثه من جديد بمفاتيح متنوعة تصعب على مدربي الفرق المنافسة قراءة المبارايات، فربما تشهد الفترة المقبلة الإعلان رسميا عن وفاة الـ«تيكي تاكا».