الدكتور شريف حماد وزير البحث العلمى: نواجه مشكلة فى موازنة الوزارة.. ولدينا 90 ألف باحث (حوار)

كتب: وفاء يحيى الأربعاء 31-12-2014 21:24

قال الدكتور شريف حماد، وزير البحث العلمى، إن الوزارة تواجه مشكلة بسبب موازنة البحث العلمى حاليا، مؤكدا أن مصر بها نحو 90 ألف باحث. وأضاف حماد، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن الوزارة وضعت استراتيجية لمواجهة مشكلات الأمن الغذائى من خلال عدد من العلماء المصريين فى المجالس العلمية بأكاديمية البحث العلمى.

وأكد الوزير أنه فى مجالات علوم الفضاء والأقمار الصناعية، تم توقيع اتفاقية مع السفير الصينى وإحدى كبرى الشركات الصينية، لإنشاء خط لنقل تكنولوجيا تصنيع وتجميع الأقمار الصناعية إلى مصر، وإلى نص الحوار:

■ ما وضع البحث العلمى فى مصر الآن؟

- فى الفترة الحالية، متميز للغاية، نظرا للاهتمام المقدم له من قِبَل الدولة، على عكس الأعوام السابقة التى لاقى فيها عدم تقدير أو اهتمام من القيادات السياسية، ما تسبب فى كثير من الإخفاقات، حيث تدفع القيادة السياسية للدولة حاليا إلى وضع جميع مشكلات الشعب المصرى على مائدة البحث العلمى، وهذا أعلى تقدير ينتظره الباحثون، بحيث يهتم رأس الدولة بهم وأن أفكارهم وأبحاثهم ومشروعاتهم وابتكاراتهم تساعد فى حل مشاكل البلاد، ولدينا أبحاث علمية مستواها تجاوز المتوسط ووصل إلى الامتياز والجيد جدا، وهناك مجالات نعانى فيها من ضعف المستوى، ولدينا بارقة أمل فى شباب الباحثين بأنه يمكن لباحث واحد شاب بقيادة وتوجيه سليم أن يصنع فرقا، وسيتم تنفيذ هذه السياسة فى شكل آليات تنفذ على أرض الواقع.

■ وماذا عن أولويات البحث العلمى فى مصر حاليا؟

- هى مشاكل رجل الشارع البسيط المتمثلة فى المياه والغذاء والطاقة، بالإضافة إلى الأبحاث الطبية، وفى مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والإلكترونيات والحاسبات، ولكل مجال إنجازات ملموسة خلال فترة الستة أشهر الماضية.

■ هل هناك خطوات ملموسة تم اتخاذها فى مجالات الأمن الغذائى، خاصة القمح؟

- مشكلة الأمن الغذائى قائمة على ربط البحث العلمى بالصناعة، لأن الزراعة تعتبر صناعة فى حد ذاتها، ومثال على ذلك، إنشاء الصوامع الأفقية لتخزين القمح، وتم الانتهاء منه، وهناك شركة تقوم بتسويق منتجاتها فى السوق المصرية للصوامع البلاستيكية، وهى إنتاج مصرى 100%، ونفذه باحثون مصريون من مركز البحوث الزراعية، بالتعاون مع القطاع الخاص، بتمويل من أكاديمية البحث العلمى الخاصة بتبنى المشروعات القومية، والصوامع الأفقية توفر نسبا عالية من المفقود من محصول القمح، وهناك اتجاه قوى لإنتاج أصناف وتهجينات جديدة لجميع الحبوب، بما يزيد من إنتاجيتها ويعود على القطاع الزراعى بإنتاجية أعلى واستهلاك أقل للمياه، وتنسيق كامل بين معهد البحوث الزراعية ووزارتى الزراعة والبحث العلمى، لأن هذا هدف قومى، بالإضافة إلى مشروعات أخرى تم تنفيذها مثل الأرز الهجين الذى تم تطويره لتتم زراعته فى مدة أقل من المحصول المعتاد ويستهلك كمية مياه أقل من العادية، والذى تقوم وزارة التموين بتوزيعه حاليا وتحمل أكياس الأرز شعار وزارة البحث العلمى ومعهد البحوث الزراعية، الذى يقوم بتوصيل رسالة للمواطنين بمخرجات البحث العلمى ودورها فى حل مشكلات الأمن الغذائى، ما يعكس تعاون وزارتى الزراعة والبحث العلمى المشترك فى تنفيذ استراتيجية الدولة لحل المشكلات الغذائية الملحة.

■ هل الأبحاث العلمية المقدمة فى مجالات الأمن الغذائى تساعد فى تحقيق حلم الاكتفاء الذاتى من القمح وباقى المحاصيل؟

- استراتيجية الوزارة لمواجهة مشكلات الأمن الغذائى يضعها عدد من العلماء المصريين فى المجالس العلمية بأكاديمية البحث العلمى، والذين يضعون هدف الاكتفاء الذاتى نصب أعينهم، وهو ما يتم تنفيذه بالفعل على أرض الواقع لتحقيق هذا الهدف، وخلال السنوات القليلة الماضية، زادت إنتاجية حبوب كثيرة، وهذا ما أكده الدكتور عبدالغنى الجندى، الخبير فى مجال الزراعة، الحاصل على جوائز الدولة، والذى تم تكريمه من الرئيس فى عيد العلم السابق، ولولا تلك الأبحاث العلمية لواجهت الدولة مشاكل كبيرة جدا فى مجال الغذاء، وهدفنا الأساسى أن يمنحنا الشعب المصرى الثقة فى البحث العلمى وقدرته على المشاركة فى حل مشكلات المجتمع. نحن نحاول خدمة عملاء البحث العلمى، وهم الشعب المصرى بشكل رئيسى والوزراء والجهات المعنية التى سوف تستخدم مخرجات البحث العلمى فى حل مشكلات المجتمع مثل: «وزارات الإسكان والزراعة والبيئة والنقل والاتصالات».

■ ماذا عن مجالات الطاقة الشمسية ودورها فى تقليل أزمة الطاقة القائمة؟

- وضع مصر فى مجال استخدامات الطاقة الشمسية ليس سلبيا، وهناك أماكن تعدت مرحلة البحث العلمى، وعلى أرض الواقع مصنع أو أكثر فى مجال تجميع وإنتاج وتصنيع الخلايا الشمسية، وهناك استيراد لبعض الأجزاء التى يتم تجميعها فى مصر، وقريبا سيتم إنتاج جميع الأجزاء بالكامل مادامت اقتصادية الجدوى، والشعب لا يشعر باستخدامات الطاقة الشمسية، لأن عينه لم تعتد عليها، نظرا لحداثتها، وقلة مجال استخدامها، وأنها تحتاج انتشارا أكبر، وهناك مركز تسوق بالشيخ زايد كل حوائطه تعمل من الخلايا الشمسية، فإذا تم انتشار نفس الفكرة فى عدد من الأماكن الحيوية والمصانع والشركات والهيئات الحكومية فسيشعر بها المواطن وتنتشر بسرعة كبيرة، ولم تعد تكنولوجيا الخلايا الشمسية مملوكة لدول معينة، ولا يوجد احتكار فى العلم، والمصريون استطاعوا تحطيم جميع الحواجز التى تمنعهم من الوصول للعلم وتحقيق المعرفة البحثية.

وهناك مشروع المركزات الشمسية بكلية الهندسة- جامعة القاهرة، وهو أحد أقوى المشروعات القائمة على البحث العلمى، حيث تم تصنيع 95% من المركزات الشمسية بمصر، وتلك المركزات الشمسية ستكون لها استخدامات كبيرة جدا فى أجهزة تكييف جديدة ومبردات وتدفئة مياه للمصانع وعدد كبير من التطبيقات المختلفة، ولكن لن يتم تحميلها على شبكة الكهرباء الرئيسية، لأن جميع الأبحاث الحالية تساعد على توفير الطاقة، وسيكون لها تأثير جيد جدا على المجتمعات العمرانية الجديدة، والناس لم تتحدث عن أزمة الطاقة إلا بعد انقطاع الكهرباء، رغم وصولنا بالكاد فى السنوات السابقة إلى مرحلة الكفاية، ولابد من وجود الرؤية المستقبلية، وهى دراسة الزيادة السكانية سنويا والقدرة الكهربائية المطلوبة لهذه الزيادة المتوقعة وكيفية توفير الطاقة لتلك الزيادة بمصادر جديدة ليخف الحمل عن الشبكة الحالية، وتتم استثمارات جديدة لمحطات الكهرباء الجديدة، وتكون هناك مجتمعات جديدة منتجة للطاقة.

■ ماذا عن الحلول المقدمة لأزمة نقص الوقود ومجالات توليد الوقود الحيوى؟

- هناك عدد من الأبحاث والابتكارات العلمية فى هذا الاتجاه، ومثال على ذلك وزير التموين، حيث عقد اتفاقية مع الأكاديمية البحرية بالإسكندرية لتحويل مخلفات زيت الطعام إلى وقود، بناء على بحث علمى تطبيقى قابل للتنفيذ، ومعهد بحوث البترول التابع لوزارة البحث العلمى، ويرأسه وزير البترول، استطاع تحويل بنزين 80 إلى بنزين 92 عن طريق استخدام مخلفات صناعية عضوية، وتم تنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع.

بالإضافة إلى مشروع نقل التكنولوجيا فى مجال «الحمأة» وتحويلها إلى طاقة، ويساعد هذا المشروع على أن تكون جميع المجتمعات الجديدة منتجة للطاقة.

■ ماذا عن الأبحاث العلمية فى مجالات تحلية المياه؟

- يوجد اتجاهان للبحث العلمى فى مجالات المياه، الأول خاص بتحلية مياه البحر والثانى لإعادة استخدام مياه الصرف الصحى، ومصر قطعت شوطا كبيرا فى مجال تحلية مياه البحر، لأن النماذج التجريبية بمراكز البحوث أصبحت على مستوى أعلى من السابق، ولم تعد على نطاق ضيق كما فى الماضى، بالإضافة إلى تواجد عدد من الشركات التى تعمل فى مجالات تحلية المياه، والمجال التكنولوجى فى هذا المجال أصبح أنضج بكثير عن الماضى، ومستواها جيد، نظرا لأن عددا كبيرا من الأجزاء المستخدمة فى تحلية المياه يتم استيرادها من الخارج، وهناك قرى سياحية كثيرة تعمل على مجالات تحلية المياه، وتكنولوجيا التحلية بها تحتاج للتطوير.

■ هل هناك اتجاه لإعادة استخدام مياه الصرف الصحى فى مجالات الزراعة أو مجالات الشرب؟

- سيتم تحديد اتجاه الاستخدام وفقا للكود الهندسى أو ما يعرف بـ«المواصفات الفنية للمياه» المخصصة لرى المسطحات الخضراء أو المحاصيل المأكولة أو الغابات الشجرية أو استخدامها للشرب، ونحن نسعى لرى المحاصيل بأجود نوعية مياه يستحقها الشعب المصرى حتى نتغلب على مشاكل صحية أخرى.

■ ماذا يقدم البحث العلمى لمجالات الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء والأقمار الصناعية؟

- تم توقيع اتفاقية بين وزارة التخطيط وهيئة الاستشعار عن بعد، يتم بموجبها رسم أى خرائط مطلوبة خاصة بأى مشروع استزراع جديد أو إنشائى هندسى أو بناء مجتمع عمرانى جديد تصدر من مركز الاستشعار عن بعد، لتوضيح نوعية التربة والصخور والتعديات على الأراضى.

وفى مجالات علوم الفضاء والأقمار الصناعية، تم توقيع اتفاقية مع السفير الصينى وإحدى كبرى الشركات الصينية لإنشاء خط لنقل تكنولوجيا تصنيع وتجميع الأقمار الصناعية إلى مصر، وهو ما يعتبر إنجازا كبيرا جدا فى استغلال طاقات خبرات المختصين بمراكز الاستشعار عن بعد لتحقيق الاتجاهات الاستراتيجية للدولة.

■ إلى أى مدى وصل البحث العلمى فى استخدام تطبيقات النانو تكنولوجى؟

- افتتح رئيس الوزراء مؤخرا غرفة النانوتكنولوجى أو ما يعرف بـ«الغرفة النظيفة» بمدينة زويل، والتى تعتبر إنجازا فى تصنيع النماذج الأولية فى النانو تكنولوجى وصناعة الإلكترونيات، وإسهام مدينة زويل فى هذا المجال كبير جدا، وفى زمن قصير، ومن موارد بشرية قليلة، وينعكس ذلك على المؤشرات التى تصدر عن مراكز المعلومات بأكاديمية البحث العلمى، ولدينا فى مصر علماء على قدر كبير من الخبرة والمعرفة فى مجال النانو والإلكترونكس والنظم الإلكتروميكانيكية المصغرة، بالإضافة إلى عدد كبير من الشركات المتخصصة فى هذا المجال، ويقومون بتصنيع ابتكاراتهم بالخارج، ويتم الحصول على براءات اختراع دولية لتلك الابتكارات، وتم توقيع اتفاقية بين وزارة البحث العلمى ووزارة الاتصالات لإنشاء مركز تميز لصناعة تكنولوجيا النانو بالقرية التكنولوجية الجديدة بالمعادى، بالتعاون مع جامعة القاهرة.

■ وماذا عن موازنة وزارة البحث العلمى حاليا، وهل هناك مصادر أخرى لتمويل الأبحاث التطبيقية؟

- الموازنة العامة للوزارة تدور حول 10 مليارات جنيه سنويا، وبالطبع لدينا مشكلة فى ذلك، فهناك نحو 90 ألف باحث بمصر، وتنقسم الموازنة إلى رواتب الباحثين بنسب تفرغهم للبحث، وما يتم إنفاقه على الأجهزة والمشاريع والإمكانيات المطلوبة، والنسبة الحالية هى أقل من 0.5% من الناتج القومى للدولة، ووفقا للدستور الجديد ستتم زيادتها إلى 1% من الناتج القومى، والذى سيتم إنفاقه بالكامل على الأبحاث، ولحين تنفيذ هذا القرار، يجب إثبات أن كل جنيه يتم إنفاقه على البحث العلمى سيكون له مردود على الأقل 10 أضعاف ما تم دفعه، ومثال على ذلك الابتكار المقدم لتقليل تكلفة البناء والإنشاء، فإذا تم إنفاق مليار جنيه فقط فى الإنشاء وفقا لهذا الابتكار فسيتم توفير 200 مليون جنيه من المبلغ بنسبة 20%، وهو ما يعنى أن المردود الاقتصادى لمشروع واحد يكافئ ما يتم إنفاقه على البحث العلمى فى مصر فى عام كامل.

■ هل هناك تنسيق مع العلماء المصريين بالخارج أو ما يعرف إعلاميا بـ«العقول المهاجرة»؟

-هناك تعاون كبير من العلماء المصريين بالخارج فى جميع المجالات، ومؤتمر تنظمه جامعة الزقازيق بشرم الشيخ للعلماء المصريين بكندا وأمريكا لبحث أوجه التعاون والاستفادة من خبراتهم فى الخطة الاستراتيجية الحالية، وكل شخص يحاول خدمة الدولة فإننا نحتاجه بشدة.

■ ماذا عن استراتيجية الوزارة فى 2015؟

- هناك اتجاهات أساسية للطاقة والغذاء والمياه وغيرها وخطط تحتاج للتنفيذ ومؤشرات تقيس الوضع الحالى وأهداف نسعى لتحقيقها من خلال مشروعات محددة الوقت والمكان والعنصر البشرى، لضمان تحقيق تلك الاستراتيجية الثابتة، التى لا تتغير بتغير الحكومات، بحيث تصبح استراتيجية مصر وليس وزارة محددة، وتتم مراجعتها وفقا لتقارير ومؤشرات الأداء ومتغيرات التكنولوجيا والتغير الاقتصادى والسياسى بشكل دورى.