شهد حزب النور فى عام 2014 تحولات شديدة كادت تعصف بأخر الأحزاب الإسلامية فى مصر إذ إنه الوحيد الذى يحظى بالشرعية القانونية وشريك فى قرارات 3 يوليو التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسى.
أول هذه التحولات اتجاه الحزب الموالى للدعوة السلفية لمغازلة الأقباط حيث وجه نادر بكار، مساعد رئيس الحزب لشؤون الإعلام، التهنئة لهم بمناسبة أعياد رأس السنة وهو أمر يخالف مواقف الحزب المتشدد فى عدم جواز التهنئة.
وقبلها تناقض الحزب مع نفسه فمن مدافع شرس عن حكومة الدكتور حازم الببلاوى، فى مواجهة قوى سياسية كانت تعارض الرجل إلى هجوم بنفس الضراوة على تشكيلها وسياستها رغم أن الحزب كان ولايزال يصف نفسه بالشريك الأساسى فى قرارات 3 يوليو عام 2013 وأنهم إحدى شرارات 30 يونيو بعد أن هاجموا جماعة الإخوان بسبب أخونة الدولة.
وكرر الحزب نفس الحماس بالنسبة لاختيار المهندس إبراهيم محلب، وزير الإسكان، فى حكومة الببلاوى لرئاسة الوزارة الجديدة وقبل نهاية العام اتخذوا مواقف مضادة فى مواجهة بعض وزراء حكومته واتهموهم بأنهم ليسوا على مستوى المسؤولية خاصة محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الذى أقصى قيادات الحزب والدعوة من على المنابر. ومن إعلان رفضه ترشيح شخصية عسكرية أو إسلامية لمنصب رئيس الجمهورية، تراجع الحزب فى إحدى موجات تناقضاته، وعاد ليعلن تأييده لترشيح المشير عبدالفتاح السيسى، فى انتخابات رئاسة الجمهورية ثم هاجمه عندما لم يستجب للقاء قيادات الحزب واعتبر هذا التصرف من جانب السيسى إقصاءً للتيار الإسلامى وإنكاراً لموقف الحزب من ثورة 30 يونيو، حتى تم اللقاء ليجدد الحزب تأييده ودعمه للسيسى والهجوم على منافسه حمدين صباحى.
الخطوة الأكبر فى سلسلة تنازلات حزب النور فى موقفه من ترشيح الأقباط والمرأة على القوائم الانتخابية، وتبنى هجوماً على لجنة الخمسين ورئيسها عمرو موسى لإجباره على إلغاء إلزام القوائم بتخصيص كوتة للمرأة والأقباط ليعلن فى النهاية موافقته على ترشح «سيدات متبرجات» وأقباط على قوائمه.
ولم ينف الحزب تواصل عدد من نواب الحزب الوطنى المنحل معه للترشح على قوائمه وأعلن الدكتور شعبان عبد العليم، الأمين العام المساعد للحزب، ترحيبه بنواب المنحل وكوادره السياسية بالمحافظات. وتعرض الحزب بسبب تحول مواقفه إلى نفور من الأحزاب تجاهه تمثلت فى إبعاده من التحالفات الحزبية الكبيرة التى تعتزم الدخول فى الانتخابات، لذا لجأ لأسلوب الإخوان، وتقرب إلى المواطنين مباشرة لرفع مستوى شعبيته فى الشارع حيث كثف قوافله الخيرية والخدمية فى القرى والنجوع.
واضطر الحزب إلى الدخول فى معركة مع وزارة الأوقاف دفاعاً عن الدعوة السلفية التى تمثل القاعدة الصلبة للحزب على خلفية منع رموز الدعوة من الخطابة فى المساجد دون الحصول على ترخيص من الوزارة وفق شروطها وهى المعركة التى خسرها الحزب لتزيده جراحاً على جراح.
وقبلها اصطدم الحزب بالشارع المصرى بعد تأييده قرارات الحكومة برفع دعم أسعار الطاقة وإجراءات خفض عجز الموازنة العامة، رغم أنه حذر فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى من خطورة هذه الخطوة.
يعترف الدكتور شعبان عبدالعليم، الأمين العام المساعد للحزب، بأن شعبية حزبه تأثرت بالفعل خاصة من أبناء الحركة الإسلامية التى تعيب عليه موقفه من ثورة 30 يونيو واعتصام رابعة.
لكنه يستدرك فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» بقوله: «الحزب نجح من ناحية أخرى فى اكتساب شعبية فئات وتيارات أخرى غير إسلامية بسبب حرصه على استقرار الوطن بانحيازه إلى الشعب ضد جماعة الإخوان ووقوفه ضد العنف الإخوانى والعمل على توعية شباب التيار الإسلامى من خطورة ذلك على الوطن».