فقه العمران.. وفكر الغربان

كتب: اخبار الجمعة 26-12-2014 21:53

فاز الكتاب المصرى (فقه العمران) بجائزة مؤسسة الفكر العربى كأفضل كتاب لعام 2014 والذى يتناول ببراعة العمارة والمجتمع والدولة في الحضارة الإسلامية.. وقد تعجبنا في البداية من عنوان الكتاب الجديد الغريب فالفقه يرتبط في أذهان الملايين بفتاوى الحلال والحرام وغيرها لكن من خلال الكتاب عرفنا أن الشريعة الغراء تغلغلت في كل مناحى الحياة حتى إنها نظمت العلاقة بين البشر والحجر!.. فوضعت أصول بناء المنازل والطرق الخاصة، وضوابط تشييد الطرق والمبانى العامة.. ومع مرور الزمن تراكمت أحكام فقه العمران لتشكل إطاراً قانونياً يلتزم به الحكام قبل المحكومين.. وهذا يفسر سر انبهارنا بالمبانى القديمة المحتفظة بجمالها رغم مرور الزمن وعوامل التعرية.. وأبكى على حالنا فنحن أسوأ سلف لخير خلف فرغم النص في الدستور على حماية الآثار، ورغم وجود كليات للتخطيط العمرانى، ورغم وجود وزارة جديدة للتنسيق الحضارى تحدث الأن جريمة اغتيال حكومى للسور الأثرى الحجرى التاريخى لمستشفى الأمراض العقلية بالخانكة أعرق مستشفيات العالم العربى والشرق الأوسط.. هذا السور تشعر أنه يحدثك من فرط جماله كما قال أمير الشعراء شوقى: (تعالى الله كان السحر فيهم.. أليسوا للحجارة منطقينا؟).. ترتكب محافظة القليوبية الآن جريمتين في حق أبجديات فقه العمران عندما اتخذت قراراً «رسمياً» بتحويل حرمه الملاصق له بدون فاصل سنتيمتر أو ملليمتر واحد وأن يكون هو المقر الرسمى لقمامة الخانكة فأصبح سلة طعام لغربان المحافظة.. الجريمة الثانية تعليق لافتة تعلن بدأ بناء عمارات سكنية لمحدودى الدخل ضمن مشروع الإسكان الجديد في مواجهة السور التاريخى أسفلها ورش سمكرة ودوكو تتحول بعدها البانورما الأثرية إلى مزبلة تاريخية وفضيحة عالمية.. وإذا كان الأجداد هم أصحاب فقه العمران فالأحفاد هم أصحاب فكر الغربان.

كابتن وجدان أحمد عزمى

wegdanazmy@yahoo.com