4 ملاحظات حول تصريحات السيسى الصينية

مي عزام الأربعاء 24-12-2014 21:06

استوقفتنى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الصين، وقد لخصت ملاحظاتى على حديثه للإعلاميين المرافقين له فى 4 نقاط، أولاها: تتعلق بتأكيده الدائم على أهمية «المشاركة المجتمعية»، فقد قال الرئيس إنها أقل من المتوقع، مضيفا: «أنا لا ألوم الناس اللى مشاركتش»، وأنا أتفق معه فى أن المشاركة المجتمعية دون المستوى، فعقود طويلة من الفساد وثقافة الفهلوة والنصب جعلت المصرى يتخلى عن أعظم قيمه التى اشتهر بها، ومنها التكافل والشهامة والإيجابية فى التعامل مع الأوضاع السلبية فى المجتمع، فلم يكن أبناء الشارع يسمحون لأحد بمعاكسة بنت منطقتهم، والآن فهم الذين يعاكسونها، كانوا يلاحقون اللص أما الآن فهم يشاهدون السرقة ويبتعدون خوفا وبلامبالاة، انتشرت مظاهر التدين السطحى دون الجوهر، فنجد البعض حريصا على صلاة الجماعة فى المسجد، لكنه ليس أمينا ولا يتورع عن الكذب والغش، ويمتنع عن المشاركة فى الخير. ما يتحدث عنه الرئيس حقيقة، ولكن ماذا يمكن أن تفعل الدولة إزاء انهزام الروح وفساد الضمائر؟ كيف يمكن أن تستعيد مصر وعيها وروحها؟ سؤال يشغلنى ولابد أن يشغل أى قيادة سياسية تريد أن تحقق نجاحا مع شعبها.

لا أملك إجابة واضحة عن كيفية تصحيح ذلك، فالمشكلة تحتاج جهود الباحثين فى علم الاجتماع والتربية، ليحددوا لنا مناطق الضعف فى الشخصية المصرية، وكيف يمكننا تجاوزها وتعديل السلوك، فهذا لا يقل أهمية عن نجاحنا فى الملفات الاقتصادية، ولا يمكن إحداث نهضة حقيقية إلا بعودة الثقة والاحترام والأخلاق إلى الشارع المصرى.

النقطة الثانية: تتعلق بمطلب الصبر، فالرئيس يطلب من الشعب الصبر، والصبر سلوك أخلاقى يفيد فى حالة المحن والكوارث القدرية التى لا يمكن للإنسان ردها، ولكن ربما يقصد الرئيس، حسب اعتقادى، أن المشاريع التى يمكن أن تنقل مصر نقلة نوعية فى الاقتصاد تحتاج وقتا لتنفيذها، وهذا أمر منطقى، وبالتالى فلا محل للحديث هنا عن الصبر، ولكن ما أتصور أنه غير واضح عند الشعب والرئيس أيضا هو التعجل فى الشعور بأن هناك تغييرا يحدث وليس القفز للنتائج، خاصة فيما يخص محاربة الفساد والتأكيد على عدم عودة رجالات نظام مبارك للمشهد السياسى بأموالهم الطائلة ونفوذهم إلى دوائر كثيرة فى جهاز الدولة، هذا هو ما لا يصبر عليه الشعب، فالشعب مستعد لتقاسم لقمة العيش لو شعر بأن هناك عدالة نافذة، وأن الظالم والفاسد أخذا العقوبة التى يستحقانها، ويمكن أن يكون فى ذلك علاج لكآبة الروح ووجع القلب، فنحن نشعر بأننا نعيش فى المجتمع الذى وصفه الرسول الكريم: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ».

النقطة الثالثة: تتعلق بتأخر إصلاح الجهاز الإدارى فى الدولة، والذى قال الرئيس إنه يحتاج لسنوات، وأنا أتفق مع الرئيس فى أن هذه المهمة الصعبة تحتاج لهذا الوقت، ولكن فى خلال هذه السنوات يجب أن تكون هناك خطة زمنية واضحة لإصلاحه يتم الإعلان عنها، من المهم جدا أن يتم تطبيق الشفافية وحرية تداول المعلومات، هذان العنصران من دعائم إصلاح الجهاز الإدارى، ويجعلان الشعب مراقبا للجهاز الحكومى، ما سيدفع الأخير للتعديل الذاتى، رغما عنه.

أخيرا: نصل إلى النقطة الرابعة فى حديث الرئيس عن تطوير تليفزيون الدولة وميثاق الشرف الإعلامى، هناك لجان تعمل على تطوير الصحف القومية وتليفزيون الدولة من خبراء الإعلام، وهذا شىء جيد، ولكننى أعتقد أن الموضوع يجب أن يكون أوسع من هذه اللجان، وأن تكون هناك قنوات للحوار المجتمعى للتعرف على رؤية الشعب وتطلعاته للمرحلة المقبلة.

فمتى نبدأ؟

ektebly@hotmail.com