قدم أتلتيكو مدريد، على مدار 2014 درسًا في الرياضة بصفة عامة، وكرة القدم بصفة خاصة، بعدما نجح على الرغم من كل الصعوبات في مقارعة عملاقي الكرة الإسبانية، ريـال مدريد وبرشلونة، حتى الرمق الأخير من عمر بطولة «الليجا»، التي توج بها في النهاية بفضل رأسية الأوروجوائي دييجو جودين في شباك البرسا، والتي أنهت خصامًا استمر 18 عامًا بين لقب البطولة، وثاني أكبر أندية العاصمة.
وكان أتلتيكو بالمثل قريبًا من تحقيق إنجاز تاريخي بالفوز بدوري الأبطال الأوروبي في نهائي لشبونة الخالد أمام ريـال مدريد، لولا اللحظة التي توقف فيها الزمن حينما حول سرخيو راموس برأسه الكرة داخل شباك الـ«روخيبلانكوس» في الدقيقة 93 معلنًا التعادل وليفتح الطريق نحو فوز الملكي بأربعة أهداف لواحد، لتتبخر أحلام ملامسة الكأس ذات الأذنين أمام أعين لاعبي الفريق التي أغرورقت بالدموع.
لم ينته عام 2014 بالنسبة لأتلتيكو مدريد على هذا فقط حيث نجح في التتويج بكأس السوبر الإسباني على حساب جاره اللدود ريـال مدريد مطلع هذا الموسم، كما أنه حتى الآن ومع ختام الدور الأول من بطولة «الليجا» في الموسم الجديد لا يزال يقدم نفس المستوى الثابت.
الطفرة التي أحدثها المدرب الأرجنتيني دييجو سيميوني في الفريق ذي اللونين الأبيض والأحمر آتت ثمارها في 2014 بشكل كبير، حيث ظهر «لوس كولشونيروس» كمجموعة من الثوار على النظام، ثنائي القطب، الذي سيطر على «الليجا» قرابة العشر سنوات منذ موسم 2003-2004، الذي كان آخر المواسم التي شهد فيها فوز فريق غير برشلونة والريـال باللقب، وهو فالنسيا.
طفرة أتلتيكو لم تقتصر على الصعيد المحلي فقط، بل امتدت أوروبيًا، حيث أقصى في طريقه نحو نهائي لشبونة الشهير أندية سبق لها التتويج باللقب، وهي على الترتيب إيه سي ميلان الإيطالي ومواطنه برشلونة وتشيلسي الإنجليزي.
طفرة الأتلتي لم تكن ثورة على التاريخ والعراقة المميزة لهذه الأندية، بل أيضا على الفوارق الكبيرة في الميزانية بفضل فلسفة «سيميوني»، فالـ«روخيبلانكوس» استمروا في 2014 بالسير بالمبدأ الذي غرسه سيميوني في نفوسهم، «مباراة تلو الأخرى»، فلم تؤثر على نفسيتهم أي نتيجة مباراة سابقة سواء كانت في نفس المسابقة أو بطولة أخرى.
كل هذا جعل أتلتيكو مع بداية الموسم الجديد (2014-2015) يحتل المركز الثالث حتى الآن وبفارق نقاط ليس بالكبير سواء عن برشلونة الوصيف أو الريـال المتصدر، منتظرًا فرصة تعثر أي منهم للانقضاض عليها، هذا بخلاف نجاحه في التأهل لثمن نهائي دوري الأبطال متصدرًا المجموعة الأولى على حساب يوفنتوس الإيطالي صاحب المركز الثاني.
وكان من ضمن النقاط الاستثنائية بالنسبة للأتلتي في 2014 تألق المهاجم دييجو كوستا في النصف الأول من العام ( بطبيعة الحال هو النصف الثاني من الموسم الماضي)، حيث ينطبق نفس الأمر على الحارس البلجيكي تيبو كورتوا أو المدافع البرازيلي فيليبي لويس، ونجاحه في التعامل مع تبعات انتقال رحيل الثلاثي نحو تشيلسي الإنجليزي.
جاء هذا التعامل الناجح بسبب ذكاء إدارة النادي، و«سيميوني» في اختيار رجاله الجدد، فتعاقد أتلتيكو في سوق الانتقالات الصيفية الأخير مع الفرنسي أنطوان جريزمان والكرواتي ماريو ماندزوكيتش لتعزيز الهجوم، دون نسيان الأرجنتيني الصاعد أنخيل كوريا الذي حرمته مشاكل طبية من اللعب حتى الآن، ولكن يبدو أنه سيكون ورقة رابحة في المستقبل.
وعوض الأتلتي رحيل «كورتوا» بالتعاقد مع الحارسين يان أوبلاك وميجل أنخل مونتويا، فيما كان الظهير البرازيلي سيكيرا خير بديلا لمواطنه فيليبي لويس، ضمن صفقات وأسماء أخرى مثل المكسيكي راؤول خيمينيز.
تمكن الـ«روخيبلانكوس» من الاستعداد للموسم الحالي في النصف الثاني من 2014 بصورة جيدة للغاية عن طريق هذه الصفقات، فضلا عن الابقاء على عناصر وأسماء مميزة مثل كوكي ريسوريكسيون وأردا توران وميراندا، حيث يحسب لـ«سيميوني» على الرغم من التغييرات الكبيرة التي طرأت على الفريق قدرته على الحفاظ على مستوى مقارب لذلك الذي تميز به الموسم الماضي حتى الآن.