تحت عنوان «جماعة الإخوان المسلمين: الإسلام السياسي لم يعد هو الحل»، قالت مجلة «إيكونوميست»، الأمريكية، إن الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط بات يتعرض لضغوط من جنرالات الجيوش، والملوك، والجهاديين، وحتى الناخبين.
وتحدثت المجلة، عن اجتماع مجلس التعاون الخليجي، في الدوحة، الأسبوع الماضي، قائلة إنه كان بمثابة «صلح رسمي» لعلاج «الانقسام العميق» بين قطر وجيرانها في المنطقة، وأنه أكد على «تراجع الدوحة» عن مواقفها الداعمة للجماعة، وذلك تحت الضغط المتواصل من جيرانها الذين يرونها «مزعجة وتعمل على تخريب البلاد»، بحسب المجلة.
وأضافت المجلة أنه، على مدى العقد الماضي، قدمت قطر دعماً سخياً لجماعة الإخوان المسلمين، موضحة أنها أقرضتها الأموال، ووفرت لها الدعم الدبلوماسي، والمنصة الإعلامية القوية، في إشارة إلى قناة «الجزيرة»، وذلك ليس فقط للتنظيم الأم، الذي تأسس في مصر عام 1928، ولكن لمجموعة من الجماعات الإسلامية التابعة له في جميع أنحاء المنطقة.
ورأت المجلة أن قادة الدوحة رأوا أن امتداد الإخوان الكبير سيساعدهم على مضاعفة الطموحات الخاصة بهم، وراهنوا على نمط الإسلام السياسي الإخواني باعتباره الموجة السياسية المقبلة في المستقبل العربي.
وتابعت: «بعد انطلاق الربيع العربي عام 2011، فاز الإخوان في الانتخابات في تونس ومصر، كما ترأسوا الثورات الدموية في سوريا وليبيا واليمن، فيما يسيطر الفرع الفلسطيني، حماس، على قطاع غزة، أما تركيا، التي تقع انتخابياً في قبضة الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية، فهي تبدو كنموذج ناجح اقتصادياً لحكم الإسلاميين الديمقراطيين، وهي بمثابة الأخ الأكبر».
ومضت تقول: «ولكن انتهى حلم الإخوان بسرعة مذهلة، فمنذ الانقلاب العسكري، المدعوم شعبياً، الذي أطاح بالرئيس السابق، محمد مرسي، من السلطة في مصر، في يوليو 2013، عانى نموذج الإسلام السياسي الإخواني في المنطقة من سلسلة من الانتكاسات، مما أدى إلى عودة ناخبي تونس للتصويت للعلمانيين مرة أخرى».
وقالت المجلة أن «الخسارة الواضحة لدولة قطر، بوصفها راعي الأخوان، تجعل أردوغان الداعم الوحيد للجماعة، ولكن حكومته الاستبدادية، على نحو متزايد، لم يعد لديها سوى مجموعة أصدقاء قليلين».
وتساءلت المجلة «كيف حدث ذلك؟»، معتبرة أن جانب كبير من اللوم يقع على الإخوان، الذين اختاروا جملة «الإسلام هو الحل» شعاراً لهم، ولكنهم دفعوا الثمن في ثورات الربيع العربي، قائلة إنه «في أماكن مثل تونس ومصر، أساء الإخوان قراءة فوزهم في الانتخابات، واعتبروه بمثابة تأييد لمشروعهم الإسلامي، ولكنه في الحقيقة لم يكن سوى انعكاس لضعف اللاعبين السياسيين الآخرين في البلاد، بعد سنوات من الديكتاتورية».
ورأت المجلة أن الإخوان بالغوا في تشديد قبضتهم على السلطة، ونفروا الشعب منهم، موضحة أن «الجماعة لديها أعداء أقوياء، ففي حين أن العديد من الحكومات الغربية كانوا يرونها باعتبارها وجه متسامح محتمل للإسلاميين، يمكنه القضاء على المتطرفين الإرهابيين بشكل آمن، فإن بعض الحكومات العربية رأت أنها تشكل تهديداً مميتاً، وهو ما كان الاعتقاد السائد داخل الدولة العميقة في مصر».
وأضافت «تايم» أن «دول الخليج باتت تعمل بهدوء للقضاء على نفوذ الإخوان»، ناقلة عن مسؤول خليجي، رفيع المستوى، لم تسمه، قوله إن «الإخوان جماعة فاشية، فهي مجرد مدخل لتجنيد كافة أنواع المتطرفين».
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه في علامة على العداء، انضمت دول مثل السعودية والإمارات إلى القاهرة في حظرها الجماعة واعتبارها منظمة إرهابية، لافتة إلى أن هذه الدول تصب الأموال على القاهرة، في مرحلة ما بعد الإخوان، وتزيد من الضغوط على قطر لتغيير موقفها الداعم للجماعة، كما تدعم الفصائل المعارضة للإخوان في ليبيا وسوريا.
وأكدت المجلة أن هذه الضغوط نجحت بالفعل، ما ظهر جلياً في طرد قطر لقيادات الإخوان من الدوحة، كما باتت تغطيتها الإعلامية، التي كانت في الماضي تصب في مصلحة الجماعة، صامتة.
وختمت المجلة تقريرها قائلة إن «قادة الجماعة باتوا بلا مأوى في الدول العربية، مما جعلهم يلجأون إلى المنفى في تركيا، ولكن على مستوى الأعضاء العاديين، فإن كثير منهم انضموا إلى الجهاديين، للعمل كفنيين ومعلمين وأطباء، وأحياناً كمقاتلين لدى تنظيم داعش»، محذرة من أن «هذه بالتأكيد ليست النتيجة التي يرغب حكام الخليج في الوصول إليها».