فى بلاد الدنيا حولنا التى لها حاضر ومستقبل.. ليس لديها خطأ بدون مخطئ.. أو فشل بدون فاشل.. أو جريمة بدون مجرم.. أما فى بلادنا فالمجهول وحده هو الذى أخطأ وفشل وأجرم وأفسد كل شىء.. فنحن لسنا من الذين يعقلونها أولا ثم على الله يتوكلون.. إنما لا نحب القيام بأى شىء ونتواكل فقط اقتناعا بأن محاسبة أى أحد على أى خطأ أو تقصير هى من باب التمرد على قضاء الله وقدره.. ونردد طول الوقت بعفوية وتلقائية أن الحساب يوم الحساب وليس الآن أو اليوم أو غدا.. ولن تتسع صفحات هذه الجريدة كلها لو أحببت رصد بعض من أزماتنا ومشكلاتنا وأخطائنا وجرائمنا التى لم تشهد أبدا أى حساب ومساءلة.. ولايزال الأمر مستمرا حتى الآن وفى كل مجالات وشؤون حياتنا.. وفى الرياضة، على سبيل المثال، هناك انتخابات كثيرة أقيمت فى أندية وبتكلفة هائلة، ولكن تم بطلانها لاحقا وإلغاء نتائجها إما نتيجة خطأ من مسؤول ليس مهتما أو منتبها أو ملتزما.. وانتخابات أخرى فى اتحادات رياضية تم إفسادها إما نتيجة ضمير غائب وميت أو من باب الجهل والغفلة وعدم الاكتراث.. وفى كل مرة تعاد تلك الانتخابات، سواء فى الأندية أو الاتحادات، ويتم إنفاق أو إهدار المزيد من المال دون تحقيق ومحاكمة المسؤول الذى تسبب فى البطلان والإعادة.. والانتخابات التى كان من المفترض إجراؤها أمس فى اللجنة الأوليمبية المصرية لاختيار اثنين من اللاعبين الأوليمبيين لينضما إلى مجلس إدارة اللجنة، وفقا للائحتها الجديدة واحتراما للميثاق الأوليمبى، تقرر إلغاؤها وعدم إقامتها أمس، رغم أن نتيجتها كانت محسومة مقدما بالتزكية لمصلحة نورهان عامر، بطلة الرماية، ونهى صفوت، بطلة التايكوندو.. وسبب الإلغاء أو التأجيل هو اكتشاف جرى فى اللحظة قبل الأخيرة بأن الإعلان عن تلك الانتخابات الذى تم نشره فى الصحف شهد خطأ فادحا تمثل فى سطر واحد يقول إن تلك الانتخابات ستقام يوم السادس عشر من نوفمبر وليس السادس عشر من ديسمبر.. وبالتالى كان بإمكان أى أحد أن يطعن فى صحة تلك الانتخابات لو أقيمت، لأن التاريخ المنشور خطأ وأنها لم تقم فى الموعد الذى جرى الإعلان عنه رسميا.. وبالتالى تقرر تأجيل تلك الانتخابات إلى ما بعد الاجتماع القادم لمجلس إدارة اللجنة الأوليمبية فى الرابع عشر من يناير المقبل.. وأنا لا أعترض على وجود خطأ وإمكانية حدوث أخطاء طول الوقت فى أى مكان.. ولكننى فقط أعترض على عدم وجود مخطئ هو الذى- نتيجة سهو وغفلة- كتب نوفمبر بدلا من ديسمبر.. وسواء كان موظفا أو عضوا بمجلس الإدارة فلابد من محاسبته.. أما أن تقرر اللجنة الأوليمبية المصرية تأجيل تلك الانتخابات إلى أجل غير مسمى وتكتفى بذلك.. وتقنع اللاعبتين بالانسحاب حتى لا تقام الانتخابات ويجرى تأجيلها فهذا يعنى أنه لا شىء سيتغير، سواء فى اللجنة الأوليمبية، أو الرياضة المصرية كلها، أو فى أى مجال آخر سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا.